الله» فأبوا واشمأزوا ، وقالوا : إما أن تكف عن آلهتنا وسبها ، أو لنسبن من أمرك بهذا ، فنزلت الآية ، فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا تسبوا ربكم» فأمسك المسلمون عن سب آلهتهم ، عن السدي.
ثمرة هذه الآية : أن الحسن يصير قبيحا إذا كان يحصل القبيح بفعله (١).
قال الزمخشري (٢) : وسب آلهتهم قربة وطاعة ، لكن نهوا عن ذلك ؛ لأنه يؤدي إلى قبيح.
وقال الحاكم : نهوا عن سب الأصنام لوجهين :
الأول : أنها جماد لا ذنب لها.
والثاني : أن ذلك يؤدي إلى المعصية بسب الله تعالى.
قال : والذي يجب علينا بيان بغضها (٣) ، وأنه لا يجوز عبادتها ، وأنها لا تضر ولا تنفع ، وأنها لا تستحق العبادة ، وهذا ليس بسب ، ولهذا قال أمير المؤمنين يوم صفين : لا تسبوهم ، ولكن اذكروا قبيح أفعالهم.
واعلم أن المعصية إن كانت حاصلة لا محالة سواء فعل الحسن أم لا ، لم يسقط الواجب ، ولا يقبح الحسن ، ولهذا قال الحسن لما رجع ابن سيرين ، وقد خرج إلى جنازة فرأى ابن سيرين النساء فرجع ، فقال
__________________
(١) إن قيل : قوله تعالى : (وَإِذا نادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوها هُزُواً وَلَعِباً) يقضي بخلافه ، ويمكن الجواب عن هذا أن المراد إذا كان الحسن هو الداعي إلى القبيح بحيث لولاه لما فعل ، كما في السب ، بخلاف النداء إلى الصلاة فليس من المعابة ، لأنهم مستهزءون بجمع هذا النداء ، وإنما ذلك كالمذكر ، وإلا فهم بانون عليه سواء نودي للصلاة أم لا ، وقد أشار سيدنا عادت بركاته إلى معنى هذا في قوله ، واعلم أن المعصية إن كانت حاصلة لا محالة .. الخ.
(٢) الكشاف ٢ / ٤٣.
(٣) لعله يريد : باعتبار ما يتعلق بها من الأفعال لا لذاتها ؛ والله أعلم (ح / ص).