أما بيان القتل الذي يوجب الجزاء فقد قال تعالى : (وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً) فقيد بالعمد ، وفي هذا مسائل :
الأولى : إذا تعمد قتل الصيد ذاكرا لإحرامه فعليه الجزاء ، وهذا إجماع ، والآية نص في ذلك وهي محكمة وفاقا.
وقال مجاهد : لا جزاء على العامد ؛ لأن جرمه أعظم من أن يكفر ، وخلافه ساقط.
وأما إذا كان ناسيا لإحرامه فالجزاء واجب مع تعمد قتل الصيد ؛ لأنه داخل في عموم الآية ، وأحد قولي الناصر : لا جزاء عليه كالخاطئ.
قلنا : هو داخل في عموم الآية.
الثانية : إذا عاد في قتل الصيد مرة ثانية عامدا ، فعليه الجزاء ، وهو مخرج على قول الهادي ، ونص عليه المرتضى ، وهو قول أبي حنيفة وأصحابه ، والشافعي ، وعامة الفقهاء ، ورواه في التهذيب عن الهادي.
وفي الكشاف : عن عطاء ، وسعيد ابن جبير ، والحسن ، وإبراهيم ، والوجه : أنه داخل في عموم قوله تعالى : (وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً).
وقالت الإمامية ، وداود ، وقول للناصر ، ورواية لمالك ، وابن عباس ، وشريح : لا جزاء على العائد لقوله تعالى : (وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ).
قلنا : المراد عاد إلى ما حرم ؛ لأنه كان مباحا من قبل ، مع أن الانتقام لا ينافي الكفارة.
الثالثة : إذا قتله خاطئا فهل يجب عليه الجزاء أم لا؟
اختلف العلماء في هذا ، فالذي نص عليه القاسم ، ودل عليه قول الهادي أن الخاطئ لا شيء عليه ، وهذا قول ابن عباس ، وعطاء ، وطاوس ، ومجاهد ، وسالم ، وأبي ثور ، وصاحب الظاهر ، والناصر ، وسعيد بن جبير ، وأحد الروايتين عن الحسن.