اجزاء العلّة متقدّمة على المعلول ، فإذا فرض توقّف بعض أجزائها على وجود المعلول للزم تأثير المتأخر.
وتطبيقه على المقام : أن الأمر الانتزاعي متأخّر عن منشأ الانتزاع ، إذ لو لا وجود المنشأ لا معنى لانتزاع شيء منه. وهذا معيار الفرق بين الأمر الانتزاعي والأمر الاعتباري ، إذ لا يعتبر في الثاني تحقّق محل الاعتبار خارجا هذا مع أن مقتضى سببية شيء ، وذلك كالدلوك ، للتكليف الذي هو عبارة عن وجوب الصلاة هو تقدّمه عليه لكون السبب في مرتبة العلّة والتكليف في مرتبة المعلول.
وفي ضوء هذا فالالتزام بانتزاع السببية عن التكليف يستلزم كون المتأخّر عن التكليف متقدّما عليه ، والمتقدّم عليه متأخّرا عنه ، وهذا معنى اجتماع المتقابلين ، وهذا مستحيل جدّا ، مثلا إذا انتزعنا سببية الدلوك عن وجوب الصلاة ونقول : ان الدلوك سبب لوجوب الصلاة ، فهذا الانتزاع يستلزم كون المتأخّر عن التكليف متقدّما على التكليف لأنّ في مرحلة الاولى جعل الوجوب للصلاة. وفي مرحلة الثانية جعل الدلوك سببا لوجوبها لأنّه متى لم يجعل الوجوب للصلاة لم يجعل الدلوك سببا لوجوبها. ويستلزم كون المتقدّم على التكليف متأخّرا عنه ، لأنّ السبب في مرتبة العلّة هذا وجه كون السبب متقدّما على التكليف.
هذا وجه كون السبب متأخّرا عن منشأ الانتزاع وعن التكليف ، هذا في السببية ، وكذا الأمر في الشرطية والمانعية ، فانّ شرط التكليف ومانع التكليف متقدّمان على المشروط والممنوع طبعا.
وعليه فالالتزام بانتزاعيتهما يستلزم تأخّرهما عنهما لأنّ الأمر المنتزع بالفتح متأخّر عن منشأ الانتزاع.
فالنتيجة ان الالتزام بانتزاع الشرطية والمانعية عن التكليف المترتّب على موضوعاتهما كانتزاع الشرطية عن وجوب الصلاة المترتّب على الستر والاستقبال