قائمة الکتاب
من آية 50 إلى 54
٥٠تفسير سورة هود
تفسير سورة يوسف
تفسير سورة الرعد
آية 1
٣٠تفسير سورة إبراهيم
تفسير سورة الحجر
تفسير سورة النحل
إعدادات
تأويلات أهل السنّة تفسير الماتريدي [ ج ٦ ]
تأويلات أهل السنّة تفسير الماتريدي [ ج ٦ ]
المؤلف :أبي منصور محمّد بن محمّد بن محمود الماتريدي
الموضوع :القرآن وعلومه
الناشر :دار الكتب العلميّة
الصفحات :606
تحمیل
وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ) أي : غائبين فائتين عنه.
ويحتمل الآيات أو محمد أو القرآن أحق هو؟ قل : إي وربي ، قل : نعم إنه لحق ؛ كقوله : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قالُوا أَتَتَّخِذُنا هُزُواً قالَ أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ) [البقرة : ٦٧] أخبر أن ما يأمرهم به ويدعوهم إليه ليس هو هزوا ولا لعبا ، ولكنه حق أمر من الله تعالى ؛ فعلى ذلك قوله : (أَحَقٌّ هُوَ).
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ) : هذا الحرف يحتمل أن يكون من الشاكين [منهم](١) في ذلك طلبوا منه أنه حق ذلك أو لا ، ومن المعاندين استعجال العذاب الذي كان يوعدهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم استهزاء به وتكذيبا له ، ومن المتبعين له والمطيعين التصديق له والإيمان به ؛ كقوله : (يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها) [الشورى : ١٨] كانوا فرقا ثلاثة : فرقة قد آمنوا به ، وفرقة قد شكوا فيه ، وفرقة قد كذبوه.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ ما فِي الْأَرْضِ لَافْتَدَتْ بِهِ) : يخبر عنهم أنهم يفدون ويبذلون جميع ما في الأرض لو قدروا عليه عند نزول العذاب بهم لشدة العذاب ، وإن كان الذي منعهم عن الإيمان هو حبهم الدنيا وبخلهم عليها وما فيها بقوله : (وَرَضُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وَاطْمَأَنُّوا بِها) [يونس : ٧].
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَأَسَرُّوا النَّدامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ) : الندامة لا تكون إلا سرا بالقلب ، فكأنه قال : حققوا الندامة في قلوبهم على ما كان منهم من التكذيب بالآيات والعناد في ردها. وقال بعضهم : (وَأَسَرُّوا النَّدامَةَ) أي : أظهروا الندامة وهو مما يستعمل في الإظهار والإخفاء (٢) ؛ كقوله : شعب : جمع ، وشعب : فرق ونحوه ، وبعد فإنه إذا أسر
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) إذا فسرنا الإسرار بالإخفاء ففيه وجوه :
الأول : أنهم لما رأوا العذاب الشديد ، صاروا مبهوتين ، لم يطيقوا بكاء ولا صراخا سوى إسرار الندامة ، كمن يذهب به ليصلب ، فإنه يبقى مبهوتا لا ينطق بكلمة.
الثاني : أنهم أسروا الندامة من سفلتهم وأتباعهم ؛ حياء منهم ، وخوفا من توبيخهم.
فإن قيل : إن مهابة ذلك الوقت تمنع الإنسان من هذا التدبير ، فكيف أقدموا عليه؟
فالجواب : أن هذا الكتمان قبل الاحتراق ، فإذا احترقوا ، تركوا هذا الإخفاء وأظهروه ؛ لقوله ـ تعالى ـ : (رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا)[المؤمنون : ١٠٦].
الثالث : أنهم أسروا الندامة ؛ لأنهم أخلصوا لله في تلك الندامة ، ومن أخلص في الدعاء أسره ، وفيه تهكم بهم وبإخلاصهم ، أي : أنهم إنما أتوا بهذا الإخلاص في غير وقته.
ومن فسر الإسرار بالإظهار ، فإنهم إنما أخفوا الندامة على الكفر والفسق في الدنيا ؛ لأجل حفظ الرئاسة ، وفي القيامة يبطل هذا الغرض ؛ فوجب الإظهار.
ينظر اللباب (١٠ / ٢٥٤ ، ٢٥٥).