الْغاوِينَ) فإنهم يتبعونك بلا حجة ولا برهان.
ويحتمل قوله : (لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ) : تقهرهم وتضطرهم على ذلك إلا من اتبعك من الغاوين ؛ فإنهم يتبعونك على غير قهر واضطرار ؛ أي : من كان في علم الله أن يتبعك ويختار الغواية ؛ وإن لم يكن إغواؤك إياه ؛ فإن لك عليه سلطانا.
وقوله تعالى : (وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ).
أي : لموعد إبليس وأتباعه.
وقوله ـ عزوجل ـ : (لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ).
يحتمل الأبواب المعروفة ، ويحتمل الأبواب : الموارد والجهات التي تكون لها ؛ ألا ترى أنه قال : (لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ) فهذا يدل أن المراد بالأبواب : الموارد والدركات ـ لا نفس الأبواب ؛ إذ جزء مقسوم إنما يكون للدركات ؛ لا يكون للأبواب نفسها.
قال الحسن ، والأصم : (لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ) يعنون بالأبواب : الطبقات والدركات ، لكل باب منهم جزء مقسوم : لليهود باب ، وللنصارى باب ، وللمجوس باب ، وللذين أشركوا باب ، وللمنافقين باب ، ولأهل الكبائر باب وذكر أيضا بابا لفريق أدخلوا أهل الكبائر فيها ، والصابئين ، والدهرية.
وعندنا أن ظاهر الآية في الكافرين ؛ لأنه قال : (لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ) والغاوون : هم الكافرون ، وكذلك قوله : (وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ) فإذا كان كذلك ؛ فالسبعة الأبواب ـ التي ذكر ـ كلها لأهل الكفر ، لا يدخل أهل الكبائر فيه.
ويحتمل : باب للمتجاهلة ؛ وهم الذين ينكرون العالم الشاهد والغائب ، لا يقرون بشيء ، وباب للدهرية ؛ وهم الذين ينكرون الصانع ، وباب للثنوية ، وهم الذين يقولون بالاثنين ، وباب للذين أشركوا ؛ وهم يقولون بالواحد ؛ لكنهم (١) يشركون فيه غيره ؛ يعبدون الأصنام والأوثان ، وباب لليهود ، وباب للنصارى ، وباب للمنافقين. فذلك سبعة أبواب ، وليس لأهل الكبائر باب مسمى معلوم ، إنما ذلك كله لأهل الكفر.
قوله تعالى : (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (٤٥) ادْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ (٤٦) وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ (٤٧) لا يَمَسُّهُمْ فِيها نَصَبٌ وَما هُمْ مِنْها بِمُخْرَجِينَ (٤٨) نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٤٩) وَأَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ)(٥٠)
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ).
__________________
(١) في ب : لكن.