يَقُولُونَ إِذاً لَابْتَغَوْا إِلى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً) [الإسراء : ٤٢].
والثاني : إشراك في الفعل (١) ؛ أي : وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم عبدوا غيره ؛ من الأصنام والأوثان ، أو أن يكون (وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ) بلسانهم (إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ) بقلوبهم أو يقول : وما يؤمن أكثرهم بالله في النعمة أنها من الله تعالى ؛ إلا وهم مشركون في الشكر له تعالى.
وقوله ـ عزوجل ـ : (أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غاشِيَةٌ مِنْ عَذابِ اللهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ).
أي : كيف أمنوا أن يأتيهم عذاب الله أو تأتيهم الساعة بغتة ؛ وقد سمعوا إتيان العذاب بمن قبلهم وهلاكهم ، وقد جاء ما يخوفهم إتيان الساعة ؛ وخافوا عنها ؛ وإن لم يعلموا بذلك حقيقة ؛ لما تركوا العلم بها ترك معاندة ومكابرة ؛ لا ترك ما لم يبين لهم ؛ ومن (٢) لم يأت له التخويف والإعلام.
و (غاشِيَةٌ مِنْ عَذابِ اللهِ) : قال أبو عوسجة ـ رحمهالله ـ : أي مجللة تغشيهم ، ومنه قوله : (هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ) [الغاشية : ١] وهو ما يأتيهم العذاب من فوقهم.
وقال غيره : غاشية من عذاب الله : أي عذاب من عذاب الله تعالى ؛ وهو كقوله : (وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذابِ رَبِّكَ) [الأنبياء : ٤٦] ؛ يجب أن يكون أهل الإسلام معتبرين بقوله : (وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْها) ، وكذلك بقوله : (أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غاشِيَةٌ مِنْ عَذابِ اللهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً) وإن كانت الآيتان نزلتا فيهم ؛ لأنهم يمرون بما ذكر من الآيات ولا يعتبرون بما ذكر ، وكذلك يكون آمنين عن غاشية من عذاب الله تعالى.
قوله تعالى : (قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحانَ اللهِ وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٠٨) وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلاَّ رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرى أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلا تَعْقِلُونَ (١٠٩) حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا فَنُجِّيَ مَنْ نَشاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (١١٠) لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ ما كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)(١١١)
وقوله ـ عزوجل ـ : (قُلْ هذِهِ سَبِيلِي).
[قيل](٣) : السبيل يؤنث ويذكّر. ويحتمل : هذه الطاعة أو العبادة لله.
__________________
(١) في أ : العقل.
(٢) في أ : وما.
(٣) سقط في ب.