إلى رسول الله ، وإلى ما يتلو من القرآن ، [لكنه لا يؤمن ، أخبر أنه](١) لا كل مستمع إلى شيء ينتفع بما يستمع أو يعقل ما يستمع ويفهم ، إنما ينتفع بالاستماع ويعقل على قدر المقصود والحاجة إليه.
[ومنهم من كانوا ينهون من يستمعون لقبول القول منهم](٢).
ومنهم من كان يستمع إليه ؛ ليسمع غيره ، كقوله : (سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ) [المائدة : ٤١].
ومنهم من كان يسمعه ، ويطيعه في ذلك ، فإذا خرج من عنده غيره وبدله كقوله : (وَيَقُولُونَ طاعَةٌ فَإِذا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ) [النساء : ٨١].
ومنهم من كان يستمع إليه ؛ استهزاء منه ، وطلب الطعن فيه والعيب ، كانوا مختلفين في الاستماع ، ثم نفى عنهم السمع والعقل والبصر ؛ لوجهين :
أحدهما : ما ذكرنا أنهم لما لم ينتفعوا بأسماعهم وعقولهم وأبصارهم وهذه الحواس انتفاع من ليست له هذه الحواس ، [نفى عنهم ذلك ؛ إذ هذه الحواس](٣) إنما جعلت ، لينتفع بها لا لتترك سدى (٤) لا ينتفع بها.
والثاني : كان العقل والسمع والبصر ، وهذه يكون منها مكتسب بالاكتساب ، ومنها ما يكون غريزة ، فهم تركوا اكتساب الفعل الذي جعل مكتسبا فنفى عنهم ؛ لما تركوا اكتساب ذلك.
ويحتمل نفي هذه الحواس لهذين الوجهين اللذين ذكرتهما ، والله أعلم.
ثم نفى عمن لا يستمع العقل ، حيث قال : (لا يَعْقِلُونَ) ، ونفى عنهم الاهتداء والإبصار بترك النظر ، فقال : (أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كانُوا لا يُبْصِرُونَ) ؛ لأن بالبصر يوصل إلى اهتداء الطرق والسلوك فيها ، ألا ترى أن البهائم قد تبصر الطرق ، وتسلك بها ، وتتقي بها المهالك ، ولا تعقل ، لما ليس لها العقل (٥) ، فلا تعقل لما يسمع القلب بعقل ، وبظاهر البصر تبصر الأشياء.
__________________
(١) في أ : لكنه يخبر أنه.
(٢) بدل ما بين المعقوفين في أ : ومنهم كانوا يستمعون لمعاني مرة ، يستمعون بقبول القول منهم والمنزلة.
(٣) سقط في أ.
(٤) في أ : هدى.
(٥) في أ : سمع العقل.