أَنْتُمْ لَهُ بِخازِنِينَ (٢٢) وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوارِثُونَ (٢٣) وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ (٢٤) وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ)(٢٥)
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلَقَدْ جَعَلْنا فِي السَّماءِ بُرُوجاً) قيل : نجوما ، ويحتمل البروج : المنازل التي ينزل فيها الشمس والقمر والنجوم ، جعل لكل واحد من ذلك منزلا ، ينزل في كل ليلة في منزل على حدة. ويحتمل ما ذكر من البروج : هي مطالع [ما ذكر](١) من الشمس والقمر والنجوم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَزَيَّنَّاها لِلنَّاظِرِينَ) [يعني السماء للناظرين](٢).
وفي قوله : (وَزَيَّنَّاها لِلنَّاظِرِينَ) دلالة نقض قول من ينهى عن النظر إلى السماء من القراء ؛ لأنه أخبر أنه زينها للناظرين ، ولا يحتمل أن يزينها [للناظرين](٣) ثم ينهى عن النظر إليها ، دل أنه لا بأس [للناظرين](٤) ، وقال في آية أخرى : (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِها ...) الآية [الأنعام : ٩٧] وقال في موضع آخر : (وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ) [الملك : ٥] وجعل الله في الشمس والقمر والنجوم منافع : يهتدون بها الطرق في ظلمات الليل ، وجعلها مصابيح في الظلمات (٥) ، وأخبر أنه زينها للناظرين ؛ لأن ما يقبح (٦) في العين من المنظر (٧) لا يتفكر الناظر فيه ولا ينظر إليه ؛ فزينها لهم ؛ ليحملهم ذلك على التفكر فيه ، والنظر إليها ؛ ليعلموا أنه تدبير واحد ؛ حيث جعل منافع السماء متصلة بمنافع الأرض ؛ مع بعد ما بينهما ، وجعل أشياء هي في الظاهر أشباها ؛ وهي في الحقيقة كالأضداد لها ، ومنها ما هي في الظاهر أضداد ، وهي كالأشكال ؛ نحو النور والظلمة : هي في الظاهر أضداد ، صارت كالأشكال ؛ حيث تضىء النجوم في ظلمات الليل ؛ حتى ينتفع بذلك أهل الأرض ، وهما في الظاهر أضداد ، فصارت بما يظهر من منافعها كالأشكال (٨) ، وجعل لا ينتفع بضوء النجوم مع نور القمر ، ولا ينتفع بنور القمر مع ضوء الشمس ، وهن أشكال ؛ فصارت بما يذهب كل واحد [منهما](٩) بسلطان الآخر ؛
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) سقط في ب.
(٣) سقط في أ.
(٤) في أ : للناظر.
(٥) في أ : ظلمات.
(٦) في أ : يفتح.
(٧) في أ : النظر.
(٨) في ب : أشكال.
(٩) سقط في ب.