كان بالماء أو الأرض ؛ أو بالأسباب أو الطباع ؛ لكانت متفقة مستوية.
(إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ) لما ذكرنا من وحدانيته ؛ وتدبيره ؛ وعلمه ؛ وحكمته.
(لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) أي : لقوم همتهم العقل والفهم ؛ والنظر والتفكر في الآيات ، لا لقوم همتهم العناد والمكابرة ، أو لقوم ينتفعون بعقلهم وعلمهم.
وقال الحسن (١) : هذا مثل [ضربه الله](٢) لقلوب بني آدم كانت الأرض في الأصل طينة واحدة ؛ فسطحها الرحمن ثم بطحها ؛ فصارت الأرض قطعا متجاورات ؛ فينزل عليها الماء من السماء ، فتخرج هذه زهرتها وثمرتها وشجرها ؛ وتخرج نباتها ويحيا مواتها (٣) ، وتخرج هذه سبختها وملحها ؛ وخبثها ؛ وكلتاهما تسقى بماء واحد ؛ فلو كان الماء مالحا ؛ قيل : استسبخت هذه من قبل الماء كذلك الناس : خلقوا من آدم ـ عليهالسلام ـ فينزل عليهم من السماء تذكرة واحدة ؛ فترقّ قلوب ؛ فتخشع وتخضع ، وتقسو قلوب ؛ فتسهو وتلهو وتجفو ؛ أو كلام نحوه.
ثم قال الحسن : والله ؛ ما جالس القرآن أحد إلا قام من عنده بزيادة أو نقصان ؛ ثم تلا قوله : (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَساراً) [الإسراء : ٨٢].
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ).
قال الحسن (٤) : إن تعجب ـ يا محمد ـ من تكذيبهم إياك في الرسالة ؛ فعجب قولهم ؛ حيث قالوا : (أَإِذا كُنَّا تُراباً أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ).
وقال بعضهم : وإن تعجب ـ يا محمد ـ مما أوحينا إليك من القرآن ؛ كقوله ـ في الصافات ـ (بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ) [الصافات : ١٢].
(فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ) أي : أعجب أيضا قولهم ، يقول : لكن قولهم أعجب عندك ؛ حين قالوا : (أَإِذا كُنَّا تُراباً أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ) تكذيبا للبعث.
وأصله ـ والله أعلم ـ : يقول : إنك إن عجبت ، من قولهم (٥) في تكذيبهم إياك في الرسالة ؛ ولم [تكن](٦) رسولا من قبل ؛ فقولهم وإنكارهم قدرة الله على البعث والإحياء
__________________
(١) أخرجه ابن جرير (٢٠١١٣) وذكره السيوطي في الدر (٤ / ٨٤).
(٢) في أ : ضرب.
(٣) في ب : نباتها.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، كما في الدر المنثور (٤ / ٨٥).
(٥) في أ : وقولهم.
(٦) سقط في ب.