عليه ؛ فيستوجب بالكفران العقوبة والجزاء على ذلك.
والثاني : أنه خرج الفعل منه في الخيرات والحسنات على موافقة خلقته وصورته وتقويمه (١) وتسويته على ما خلقها الله وأنشأها وبناها ؛ فلم يخرج الفعل منه (٢) على خلاف ما هو بني عليه ؛ فلم يستوجب به الجزاء.
وأما السيئات : فهي إخراجها على خلاف خلقتها وتقويمها وصرفها إلى غير الوجه الذي كانت خلقتها وتقويمها ؛ فاستوجب بذلك العقوبة والجزاء عليها ؛ لقوله : (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) [الذاريات : ٥٦].
وقوله ـ عزوجل ـ : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها).
ليس هو على التحديد حتى لا يزاد عليه ولا ينقص منه ، إنما خرج ـ والله أعلم ـ على التعظيم لذلك والإجلال ؛ لأنه أخبر في النفقة التي تنفق في سبيل الله أنها تزداد وتنمو إلى سبعمائة ، ولا يجوز أن يكون في الحسنة التي جاء بها في التوحيد [ما] يبلغ إلى ما ذكر ، وإذا جاء بنفس ذلك التوحيد لا يبلغ ذلك أو يقصر عن ذلك ، ولكنها ـ والله أعلم ـ على التعظيم له ، أو على التمثيل ؛ كقوله : (وَجَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) [الحديد : ٢١] ذكر هذا ؛ لما لا شيء عند الخلق أوسع منها ، وكقوله : (تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ) [مريم : ٩٠] ومثله هو على التمثيل ؛ خرج لعظيم ما قالوا في الله ، ليس على أنها تنشق أو تنفطر ؛ فعلى ذلك الأول أنه يخرج لما ذكرنا ، لا على التحديد له والوقف.
ثم قوله : من جاء بالحسنة فله كذا ، ومن جاء بالسيئة فله كذا : ذكر مجيء الحسنة ومجيء السيئة ، ولم يقل : من عمل بالحسنة فله كذا ، ومن عمل بالسيئة ؛ ليعلم أن النظر إلى ما ختم به وقبض عليه ؛ فكأنه قال : من ختم بالحسنة وقبض عليها فله كذا ؛ لأنه قد يعمل بالحسنة ، ثم يفسدها وينقضها بارتكاب ما ينقضه ويفسده من الشرك وغيره ؛ على ما روي : «الأعمال بالخواتيم» (٣).
__________________
(١) في أ : تقديمه.
(٢) في أ : به.
(٣) أخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد (٧ / ٢١٥) وعزاه للبزار بلفظ (العمل بخواتيمه) ، عن ابن عمر وقال : وفيه عبد الله بن ميمون القداح وهو ضعيف جدّا وقال البزار وهو صالح وبقية رجاله رجال الصحيح.
وعزاه للطبراني في الأوسط عن علي بن أبي طالب وقال : وفيه حماد بن وافد الصفار وهو ضعيف.