وقال قوم : إن على الثيب الجلد والرجم جميعا ؛ ذهبوا في ذلك إلى ما روي عن عبادة ابن الصامت ، عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «خذوا عنّي خذوا عنّي ؛ قد جعل الله لهنّ سبيلا : البكر بالبكر يجلد وينفى ، والثّيّب بالثّيب يجلد ويرجم» (١) : أوجب الجلد والرجم على الثيب أما عندنا : فإنه لا يوجب مع الرجم الجلد ؛ لما روينا من الأخبار عن [رسول الله صلىاللهعليهوسلم](٢) أنه رجم ماعزا ، ولم (٣) يذكر أنه جلده ، وما روي عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «اغد يا أنيس على امرأة هذا ، فإن اعترفت فارجمها» (٤) : لم يذكر هنالك جلد ، والأخبار كثيرة في هذا.
وروي أنه قال : «من أصاب من هذه القاذورات شيئا فليستتر بستر الله الّذي ستره عليه ، فإنّ من أبدى لنا صفحته أقمنا عليه حدّ الله» (٥).
ثم يحتمل قوله صلىاللهعليهوسلم : «الثّيّب بالثّيّب يجلد ويرجم» (٦) في اختلاف الأحوال : يجلد في حال ، ويرجم في حال ، أو يجلد ثيب ويرجم آخر ؛ لأنه لا كل ثيب يرجم ؛ لأنه إذا كان ثيبا غير محصن لا يرجم ؛ دل أنه على ما ذكرنا.
أو يحتمل قوله صلىاللهعليهوسلم : «البكر بالبكر يجلد وينفى ، والثّيّب بالثّيّب» (٧) ، أي : البكر مع البكر ، والثيب مع الثيب ؛ فيكون ثيبا يجلد وثيبا آخر يرجم.
ثم اختلف أهل العلم في نفي البكر :
قال قوم : النفي ثابت واجب.
وعندنا : إن كان فهو منسوخ ، ودليل نسخه : ما روي في خبر زيد بن خالد ، وكان الرجل بكرا ، لم يذكر أنه نفي.
وما روي عن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ أنه نفى رجلا ؛ فارتد ولحق بالروم ؛ فقال : لا أنفي بعد هذا أبدا.
وما روي أنه قال : كفي بالنفي فتنة.
__________________
(١) تقدم قريبا.
(٢) بدل ما بين المعقوفين في ب : نبي الله ، صلىاللهعليهوسلم.
(٣) في ب : لم.
(٤) تقدم قريبا.
(٥) ذكره الزيلعي في نصب الراية (٣ / ٣٢٣) وعزاه لمالك في الموطأ والقرطبي في تفسيره (٦ / ١٥٧) ، (١٩ / ١٠٤).
(٦) تقدم قريبا.
(٧) تقدم قريبا.