أفلا ترى أنه لما كان كافرا ، فقتل مائة نفس ، فقبلت توبته ، ولو كان مسلما كانت مظالم المقتولين في عنقه باقية ؛ فهذا الحديث يدل ـ والله أعلم ـ على أن التأويل ما ذكرنا ، وبالله التوفيق.
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا فَعِنْدَ اللهِ مَغانِمُ كَثِيرَةٌ كَذلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً)(٩٤)
وقوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَبَيَّنُوا ...) الآية.
قيل : إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعث سرية إلى دار الحرب ، فسمعوا سرية لرسول الله صلىاللهعليهوسلم تريدهم ؛ فهربوا ، وأقام رجل ؛ لإسلامه ؛ فلما رأى الخيل خاف أن يكونوا من العدو من حرب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ؛ فألجأ غنمه إلى [كهف](١) ، ثم قام دونها ، فسمع التكبير ؛ فهبط إليهم وهو يقول : لا إله إلا الله ، فأتاه رجل من هؤلاء ، فقتله واستاق غنمه وما معه ، ثم رجعوا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأخبروه الخبر ؛ فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أقتلتموه ؛ إرادة ما معه ، وهو يقول : لا إله إلّا الله؟!» فقالوا : إنه قال [ذلك](٢) متعوذا ؛ فقال : «هلّا شققتم عن قبله؟!» (٣).
وعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعث سرية ، فلقيهم رجل ، فسلم عليهم وحياهم بتحية الإسلام ، فحمل عليه رجل من السرية فقتله ؛ فلامه أصحابه وقالوا : أقتلت رجلا حيانا بتحية الإسلام؟! فلما قدموا على رسول الله صلىاللهعليهوسلم أخبره بالذي صنع ؛ فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أقتلته بعد أن (٤) قال : إنّي مسلم؟!» فقال : يا رسول الله ، إنما قالها متعوذا ؛ قال : «فهلّا شققت عن قلبه فتعلم ذلك؟!» ؛ فنزل قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً)(٥).
__________________
(١) بياض بالأصول ، والمثبت من كتب الحديث.
(٢) سقط من ب.
(٣) أخرجه ابن جرير مطولا في التفسير (٩ / ٧٨ ، ٧٩) رقم (١٠٢٢١) ، وهو عند أحمد في مسنده (١ / ٢٢٩ ، ٢٧٢ ، ٣٢٤) ، والترمذي (٥ / ١٢٣) كتاب التفسير : باب ومن سورة النساء ، رقم (٣٠٣٠) ، وابن حبان (٤٧٥٢) ، والحاكم في المستدرك (٢ / ٢٣٥) ، والبيهقي (٩ / ١١٥).
(٤) في ب : ما.
(٥) أخرجه الطبري (٩ / ٧٦ ، ٧٧) رقم (١٠٢١٩) ، وذكره السيوطي في الدر المنثور (٢ / ٣٥٧) ، وزاد نسبته لابن أبي حاتم بنحوه.