امرأة هذا ، فإن هي اعترفت فارجمها» (١).
وعن عمر ـ رضي الله عنه ـ قال : خشيت أن يطول بالناس زمان حتى يقول قائله : ما نجد الرجم في كتاب الله ، فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله ، ألا وإن الرجم حق إذا أحصن الرجل ، وقامت البينة ، أو اعترف ، وقد قرأناها : «الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله» (٢) ، رجم رسول الله صلىاللهعليهوسلم ورجمنا بعده.
وقال قوم : الرجم بين اليهود والنصارى كهو بين المسلمين كالجلد بالآية ، ولما روي عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أنه رجم يهوديّين» (٣).
قيل : إنما رجم بحكم التوراة ؛ ألا ترى أنه روي أنه دعا بالتوراة ، ودعا علماءهم فأمرهم أن يقرءوا عليه ؛ فوضعوا أيديهم على الموضع الذي فيه ذكر الرجم فقرءوا غيره ؛ فقال ابن سلام : إنهم كتموه يا رسول الله ، ثم قرأ هو ؛ فأمر برجمهم ، ولا شك أن القرآن نسخ حكم التوراة ؛ لذلك لم يقم عليهم الرجم.
فإن قال قائل : إن الحد يقام على من عمل عمل قوم لوط بقوله ـ تعالى ـ : (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ) [النور : ٢]
قيل : لا يحتمل وجوب الحد عليه بذلك ؛ لأنه مختلف حكم هذا من هذا في الحرمة ، ووجوب المهر ؛ وغير ذلك ، فلا يحتمل أن يعرف حكم شيء لما يخالفه في جميع أحكامه وجميع الوجوه.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ) ـ : في الآية دليل جواز القياس ؛ لأنه ذكر الحكم في النساء ، ولم يذكر في الرجال ذلك الحكم ، وهما لا يختلفان في هذا الحكم ؛ ما يلزم المرأة في ذلك الفعل يلزم الرجل مثله ؛ دل أن ما ترك ذكره في المنصوص إنما ترك ؛ للاستدلال عليه ، والاستنباط من المنصوص والانتزاع منه.
__________________
(١) أخرجه البخاري (٥ / ٦٦٨ ـ ٦٦٩) كتاب الشروط : باب الشروط لا تحل في الحدود (٢٧٢٤ ، ٢٧٢٥).
ومسلم (٣ / ١٣٢٤ ـ ١٣٢٥) كتاب الحدود : باب من اعترف على نفسه بالزنى (١٦٩٧ / ١٦٩٨) ، وابن حبان (١٠ / ٢٨٢ ـ ٢٨٣) كتاب الحدود : باب الزنى وحده (٤٤٣٧) جميعا عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني.
(٢) أخرجه البخاري (١٤ / ١٠٠) كتاب الحدود : باب الاعتراف بالزنى (٦٨٢٩) ، ومسلم (٣ / ١٣١٧) الحدود : باب رجم الثيب في الزنى (١٦٩١) ، وأبو داود (٢ / ٥٥٠) كتاب الحدود : باب في الرجم (٤٤١٨) ، وابن ماجه في سننه (٤ / ١٦٧ ـ ١٦٨) كتاب الحدود : باب الرجم (٢٥٥٣).
(٣) أخرجه البخاري (١٤ / ٨٨ ـ ٨٩) كتاب الحدود : باب الرجم في البلاط (٦٨١٩) ، ومسلم (٣ / ١٣٢٦ ـ ١٣٢٧) الحدود : باب رجم اليهود ، أهل الذمة في الزنى (١٦٩٩).