فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ما يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٦) وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثاقَهُ الَّذِي واثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ)(٧)
وقوله ـ عزوجل ـ : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ) : لو حملت الآية على ظاهرها لكان لا سبيل لأحد (١) [على] القيام [بأداء](٢) ما فرض الله عليه من الصلاة ؛ لأنه كلما قام إلى الصلاة يلزمه الوضوء ؛ فلا يزال يبقى فيه ، لكنها على الإضمار ؛ كأنه قال : «إذا قمتم إلى الصلاة وأنتم محدثون ، فاغسلوا وجوهكم وأيديكم [إلى المرافق](٣) ؛ وإلا فظاهر (٤) الآية يوجب ما ذكرنا ، لكن الحدث مضمر فيه.
ومن الناس من يوجب الوضوء لكل صلاة بظاهر هذه الآية ، وقد جاء عن (٥) الصحابة ـ رضوان الله عليهم أجمعين ـ الفعل بذلك : روي عن أبي بكر ، وعمر ، وعثمان ـ رضي الله عنهم ـ أنهم توضئوا لكل صلاة (٦). وروي عن النبي صلىاللهعليهوسلم نحو ذلك (٧) ، وروى أن على بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ صلى الظهر ، ثم قعد في الرحبة ، فلما حضرت العصر دعا بكوز من ماء ، فغسل يديه ووجهه وذراعيه ورجليه ، وشرب فضله ، وقال : «هكذا رأيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان يفعل» ، وقال : «هذا وضوء من لم يحدث» (٨).
__________________
(١) في ب : إلى أحد.
(٢) سقط من ب.
(٣) سقط من ب.
(٤) في ب : ظاهر.
(٥) في أ : من.
(٦) أخرجه ابن جرير الطبري (٤ / ٤٥٣ ـ طبعة دار الكتب العلمية) ، (١١٣٢٧) عن ابن سيرين : أن الخلفاء كانوا يتوضئون لكل صلاة.
(٧) أخرجه البخاري (١ / ٤٢٣) كتاب الوضوء : باب الوضوء من غير حدث (٢١٤) ، وأحمد (٣ / ١٣٢) ، وأبو داود (١ / ٩٢) كتاب الطهارة : باب الرجل يصلي الصلوات بوضوء واحد ، (١٧١) ، والترمذي (١ / ١٠٣) أبواب الطهارة : باب الوضوء لكل صلاة ، (٦٠) ، والنسائي (١ / ٨٥) كتاب الطهارة : باب الوضوء لكل صلاة ، وابن ماجه (١ / ٥٠٩) كتاب الطهارة : باب الوضوء لكل صلاة (٥٠٩) ، من طريق عمرو بن عامر عن أنس قال : كان النبي صلىاللهعليهوسلم يتوضأ عند كل صلاة ، قلت : كيف كنتم تصنعون؟ قال : يجزي أحدنا الوضوء ما لم يحدث.
(٨) أخرجه أحمد (١ / ٧٨ ، ١٢٣ ، ١٣٩ ، ١٥٣) ، والنسائي (١ / ٨٥) كتاب الطهارة : باب صفة الوضوء من غير حدث ، وابن خزيمة (١٦ ، ٢٠٢) من طريق عبد الملك بن ميسرة عن النّزّال بن سبرة أنه شهد عليّا صلى الظهر ، ثم جلس في الرحبة في حوائج الناس ، فلمّا حضرت العصر دعا بتور من ـ