لغيرهم ؛ لما أن الإخوة لما تفرقت حقوقهم ذكرت ، وكذلك الأولاد ، فلو كان الحجاب يتفرق لكانت الحاجة إلى الذكر لازمة ؛ إذ بعيد ترك الأمر للنظر فيما لا أصل له في الأثر ، ولا أصل له في هذا بالتفريق ؛ بل قد جمع ذلك بين الإخوة والأخوات ، على ما في ذلك من اختلاف الحقوق ؛ [ثبت](١) أن غير الحجاب من الحقوق ليس بأصل له ، والأصل أن ذلك لو كان على اعتبار الحق فهو بحق الميت ، لا بحق الأبوين ؛ لأنه لم يعرف إيجاب حق ممن لا حق له ، ولا حق لهم مع الأب ؛ فبان أنه بمعتبر حق الميت يقع الحجاب ، والمعنى منه واحد ، ولو كان حجاب الإخوة من الأب بالأب لكان الأب إذن حجب الأم ، فإذا كان هو لا يحجب بان أن ولدها لا يحجبونها ؛ إذ هو بحق الميت.
وقوله : (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ)
ذكر الله ـ تعالى ـ الوصية قبل الدين ، وأجمع أهل العلم أن الدين يبدأ به قبل الوصية (٢) والميراث.
روى عن على ـ رضي الله عنه ـ قال : تقرءون الوصية قبل الدين ، وقضى محمد ـ عليه الصلاة والسلام ـ بالدين قبل الوصية (٣).
__________________
(١) سقط من ب.
(٢) الوصية : لغة ـ : جمع وصية ، قال ابن القطاع : يقال : وصيت إليه وصاية ووصية ، ووصّيته وأوصيته ، وأوصيت إليه ، ووصيت الشيء بالشيء وصيا : وصلته.
قال الأزهري : وسميت الوصية وصية ؛ لأن الميت لما أوصى بها ، وصل ما كان فيه من أيام حياته بما بعده من أيام مماته ، يقال : وصى وأوصى ـ بمعنى ، ويقال : وصى الرجل أيضا ، والاسم : الوصيّة والوصاة.
انظر : المصباح المنير (٢ / ٦٦٢) ، الصحاح (٦ / ٢٥٢٥) ، والمغرب (٢ / ٣٥٧) ، لسان العرب : (٦ / ٤٨٦٣).
اصطلاحا : عرفها الحنفية بأنها : تمليك مضاف إلى ما بعد الموت ، بطريق التبرع.
وعرفها الشافعية بأنها : تبرع بحق مضاف ، ولو تقديرا ، لما بعد الموت.
وعرفها المالكية بأنها : عقد يوجب حقا في ثلث عاقده ، يلزم بموته ، أو نيابة عنه بعده.
وعرفها الحنابلة بأنها : الأمر بالتصرّف بعد الموت.
انظر : شرح فتح القدير (٨ / ٤١٦) ، مغنى المحتاج (٣ / ٣٩) ، شرح منح الجليل (٤ / ٦٤٢) ، كشاف القناع (٤ / ٣٣٥).
(٣) أخرجه أحمد (١ / ١٣١) ، والترمذي (٣ / ٤١٦) كتاب الفرائض : باب ميراث الإخوة من الأب والأم ، حديث (٢٠٩٤) ، وابن ماجه (٢ / ٩١٥) كتاب الفرائض : باب ميراث العصبة ، حديث (٢٧٣٩) ، والطيالسى (١ / ٢٨٤ ـ منحة) رقم (١٤٤١) ، وأبو يعلى (١ / ٢٥٧) رقم (٣٠٠) ، والدارقطني (٤ / ٨٦) كتاب الفرائض ، حديث (٦٤) ، والحاكم (٤ / ٣٣٦) من طريق أبي إسحاق عن الحارث الأعور عن على قال : إنكم تقرءون هذه الآية (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ). وإن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قضى بالدين قبل الوصية ، وإن أعيان بنى الأم يتوارثون دون بنى العلات. ـ