(وَوَرِثَهُ أَبَواهُ) فيكون الفضل بينهما على ما كان عليه بالكل لو لا الزوجان.
وقوله : (فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ)
اختلف في حكم الآية من أوجه ثلاثة :
قال بعضهم : لا يحجب (١) الأم عن الثلث أخوان ولا أختان ، حتى يكون ثلاثة ؛ لأن الله ـ تعالى ـ قال : (إِخْوَةٌ) ، وأقل الإخوة ثلاثة ، وهو قول ابن عباس ، رضي الله عنه (٢).
وقال آخرون : يحجب الأم عن الثلث الذكور منهم ، ولا تحجب الإناث ؛ لأن الله ـ تعالى ـ ذكر الإخوة ، والإخوة اسم للذكور منهم دون للإناث ؛ إذ الإناث اسم على حدة وهو الأخوات ؛ لذلك حجب الذكور ولم يحجب الإناث.
وأمّا عندنا : فإن الإخوة اسم للذكور والإناث جميعا في الحكم ، وإن لم يكن اسما لهما جميعا في الحقيقة ؛ ألا ترى أن الله ـ تعالى ـ ذكر الإخوة ، ثم جعل بالتفسير اسما لهما جميعا بقوله : (وَإِنْ كانُوا إِخْوَةً رِجالاً وَنِساءً) [النساء : ١٧٦] ، دل أن اسم الإخوة يجمع الذكور والإناث جميعا في الحكم ؛ لذلك حجب الأم عن الثلث ذكورا كانوا أو إناثا.
وأما قولنا : بأن الاثنين يحجبانها عن الثلث : ما روى عن على وعبد الله وزيد بن ثابت (٣) أنهم قالوا : يحجب الأخوان الأم عن الثلث كما يحجبها الثلاثة (٤).
__________________
(١) الحجب ـ : لغة ـ : المنع ، وكل شيء منع شيئا فقد حجبه ، كما تحجب الإخوة الأم عن فريضتها ؛ فإن الإخوة يحجبون الأم عن الثلث إلى السدس.
ينظر : اللسان (٢ / ٧٧٧) (حجب).
والحجب اصطلاحا : منع من قام به سبب الإرث من الإرث بالكلية : ويسمى حجب حرمان ، أو من أوفر حظيه : ويسمى حجب نقصان.
ينظر : تحفة المحتاج (٦ / ٣٩٧) ، ومغنى المحتاج (٣ / ١١) ، وكشف المخدرات (٣٣٤).
(٢) أخرجه الطبري (٨ / ٤٠) ، رقم (٨٧٣٢) ، والحاكم (٤ / ٣٣٥) ، والبيهقي (٦ / ٢٢٧) من طريق شعبة مولى ابن عباس ، عن ابن عباس : أنه دخل على عثمان ـ رضي الله عنه ـ فقال : لم صار الأخوان يردّان الأمّ إلى السدس ، وإنما قال الله (فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ) [النساء : ١١] ، والأخوان في لسان قومك وكلام قومك : ليسا بإخوة؟! فقال عثمان رضي الله عنه ـ : هل أستطيع نقض أمر كان قبلى ، وتوارثه الناس ، ومضى في الأمصار؟!
وشعبة بن دينار الهاشمي مولى ابن عباس : صدوق سيئ الحفظ ؛ كما في التقريب ترجمة (٢٨٠٧).
(٣) هو زيد بن ثابت بن الضحاك بن زيد بن لوذان ، كاتب الوحي ، وأحد نجباء الأنصار ، شهد بيعة الرضوان ، وقرأ على النبي صلىاللهعليهوسلم وجمع القرآن في عهد الصديق ، وولى قسمة غنائم اليرموك ، وهو أفرض الصحابة وأعلمهم بالمواريث. مات سنة ٤٥ ه.
تنظر ترجمته في : الإصابة : ترجمة (٢٨٨٧) ، أسد الغابة : ترجمة (١٨٢٤) ، الاستيعاب : ترجمة (٨٤٠) ، خلاصة الخزرجي (١ / ٣٥٠).
(٤) أخرجه الحاكم (٤ / ٣٣٥) ، والبيهقي (٦ / ٢٢٧) من طريق خارجة بن زيد عن أبيه أنه كان يحجب ـ