أحدها : يخرج (١) الخطاب على العموم ، والمراد منه خاص ؛ لأنه ذكر الأولاد ، والولد قد يكون على غير دينه ؛ فلا يرث ، وقد يكون مملوكا فلا يرث ، على ما روي في الخبر : «لا يتوارث أهل ملّتين» (٢) ، وما روي : «لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم إلا العبد مولاه» (٣) ، وذلك في الحقيقة ليس بميراث ، ولكن ما للعبد يكون لمولاه.
وفي هذا دليل جواز الاستثناء من غير نوعه (٤) ؛ حيث استثنى العبد ، وذلك في الحقيقة
__________________
(١) في ب : مخرج.
(٢) أخرجه أحمد (٢ / ١٧٨) ، وأبو داود (٣ / ٣٢٨) كتاب الفرائض : باب هل يرث المسلم الكافر ، حديث (٢٩١١) ، وابن ماجه (٢ / ٩١٢) كتاب الفرائض : باب ميراث أهل الإسلام من أهل الشرك ، حديث (٢٧٣١) ، وسعيد بن منصور في «سننه» رقم (١٣٧) ، وابن الجارود في «المنتقى» رقم (٩٦٧) ، والدارقطني (٤ / ٧٥) كتاب الفرائض ، حديث (٢٥) ، وابن عدى في «الكامل» (٥ / ٨٢) ، والبيهقي (٦ / ٢١٨) كتاب الفرائض : باب لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم ، والبغوي في «شرح السّنّة» (٤ / ٤٧٩) ، والخطيب في «تاريخ بغداد» (٥ / ٢٩٠) ، وابن عبد البر في «التمهيد» (٩ / ١٧٢) كلهم من طريق عمر بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «لا يتوارث أهل ملتين شتى».
والحديث صححه ابن الملقن في «خلاصة البدر المنير» (٢ / ٣٥) ، فقال : رواه أبو داود ، والنسائي ، وابن ماجه ، والدارقطني من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ، وإسناد أبي داود والدارقطني إسناد صحيح. ا ه.
قال الألباني في «إرواء الغليل» (٦ / ١٢١) : وهذا سند حسن. ا ه ، وللحديث شاهد من حديث جابر : أخرجه الترمذي (٤ / ٤٢٤) كتاب الفرائض : باب لا يتوارث أهل ملتين ، حديث (٢١٠٨) من طريق ابن أبي ليلى عن أبي الزبير عن جابر عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «لا يتوارث أهل ملتين» ، وقال الترمذي : هذا حديث لا نعرفه من حديث جابر إلا من حديث ابن أبي ليلى.
وضعفه ابن الملقن في «الخلاصة» (٢ / ١٣٥) ، فقال : رواه الترمذي من رواية جابر بإسناد ضعيف.
(٣) أخرجه الدارقطني (٤ / ٧٤) ، والحاكم (٤ / ٣٤٥) والبيهقي (٦ / ٢١٨) من طريق محمد بن عمرو اليافعى عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «لا يرث المسلم النصرانىّ إلا أن يكون عبده أو أمته».
ومحمد بن عمرو اليافعى : صدوق له أوهام ؛ كما في التقريب.
وقد خالف عبد الرزاق ؛ فقال : أنا ابن جريج ، أخبرني أبو الزبير عن جابر قال. فذكره موقوفا عليه.
أخرجه الدارقطني (٢ / ٧٥) ثم قال : وهو المحفوظ.
(٤) قال الغزالي في المستصفي «اختلف العلماء في صحة الاستثناء من غير الجنس :
فجوزه أصحاب أبي حنيفة ومالك والقاضي أبو بكر وجماعة من المتكلمين والنحاة ، ومنع منه الأكثرون ، وأما أصحابنا فمنهم من قال بالنفي ومنهم من قال بالإثبات ، ثم ساق الاستدلال والمناقشة من الطرفين».
والحنفية يجعلون الاستثناء من غير الجنس استثناء منقطعا ، أي : لم يتناوله صدر الكلام ، ولم يدخل تحت لفظ المستثنى منه ؛ فهو عندهم بمثابة كلام مبدوء حكما ، «وإلا» فيه بمعنى لكن ؛ كقوله ـ