دل أن الربا لم يزل محرما على الأمم كلها كما حرم على هذه الأمة.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَأَكْلِهِمْ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ)
يحتمل هذا وجهين :
[يحتمل](١) أكل أموالهم بالباطل : هو الرشوة (٢) ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ) [المائدة : ٦٢] قيل : هو الرشوة.
وقيل : ما كانوا ينالون من أموال الأتباع والسفلة ؛ بتحريفهم التوراة لهم ، وهو قول ابن عباس ، رضي الله عنه (٣).
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً ...).
الآية ظاهرة.
__________________
ـ قرآنا وسنة ؛ قال الله ـ تعالى ـ : (وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ) [المائدة : ٥] وهذا نص ؛ وقد عامل النبي صلىاللهعليهوسلم اليهود ، ومات ودرعه مرهونة عند يهودي في شعير أخذه لعياله ، والحاسم لداء الشك والخلاف اتفاق الأمة على جواز التجارة مع أهل الحرب ؛ وقد سافر النبي صلىاللهعليهوسلم إليهم تاجرا ، وذلك من سفره أمر قاطع على جواز السفر إليهم ، والتجارة معهم.
(١) سقط من ب.
(٢) قال الفيومي : الرشوة ـ بالكسر ـ : ما يعطيه الشخص للحاكم أو غيره ؛ ليحكم له ، أو يحمله ما يريد.
وقال ابن الأثير : الرشوة : الوصلة إلى الحاجة بالمصانعة ، وأصله من الرشاء الذي يتوصل به إلى الماء.
وقال أبو العباس : الرشوة مأخوذة من «رشا الفرخ» : إذا مدّ رأسه إلى أمه لتزقّه.
ـ ورشاه : حاباه ، وصانعه ، وظاهره.
ـ وارتشى : أخذ رشوة ، ويقال : ارتشى منه رشوة : أي أخذها.
ـ وترشاه : لاينه : كما يصانع الحاكم بالرشوة.
ـ واسترشى : طلب رشوة.
ـ والراشي : من يعطي الذي يعينه على الباطل.
ـ والمرتشي : الآخذ.
ـ والرائش : الذي يسعى بينهما : يستزيد لهذا ، ويستنقص لهذا.
وقد تسمى الرشوة : البرطيل ، وجمعه : براطيل.
قال المرتضى الزبيدي : واختلفوا في البرطيل بمعنى الرشوة : هل هو عربي أو لا؟
وفي المثل : البراطيل تنصر الأباطيل.
والرشوة في الاصطلاح : ما يعطى لإبطال حق ، أو لإحقاق باطل. وهو أخص من التعريف اللغوي ؛ حيث قيد بما أعطى لإحقاق الباطل ، أو إبطال الحق.
ينظر : لسان العرب ، والمصباح المنير ، وتاج العروس (رشو) ، النهاية في غريب الحديث (٢ / ٢٢٦) ، التعريفات للجرجاني (١٤٨) ، الراهوني على الزرقاني (٧ / ٢٩٤) ، حاشية البيجوري (٢ / ٣٤٣).
(٣) ينظر : تفسير ابن جرير الطبري (٩ / ٣٩٢) ، البحر المحيط لأبي حيان (٣ / ٤١١).