للمقتول.
هذا كله يدل أن الأمر بذلك ليس على القتل.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَخُذُوا حِذْرَكُمْ)
قد ذكرنا أن الأمر بأخذ الحذر يحتمل وجهين :
أحدهما : فيه الأمر بتعلم آداب الحرب وأسباب القتال ، وألا يكلوا الأمر إلى ذلك خاصة ؛ لكن إلى (١) ما وعد لهم من النصر والظفر على عدوهم بعد أخذ الأهبة ؛ ألا ترى أنه قال : (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ ...) الآية [الأنفال : ٦٠] ، وقال ـ تعالى ـ : (وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ ...) الآية [النساء : ١٠٢].
والثاني : يحتمل أن يأمرهم بأخذ ما يدفعون به سلاح العدو عن أنفسهم ويتقون به ، نحو الترس ، أو الدرع ، أو البنيان ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً)
أي : أعد لهم من العذاب ما يهانون به ، نصروا أو غلبوا ، وأعد لكم من الثواب ما تشرفون وتفوزون به ، نصرتم أو غلبتم ؛ فما لكم لا تقاتلون؟!.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَإِذا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِكُمْ).
قيل : يحتمل وجهين :
يحتمل : (فَإِذا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ) ، أي : إذا فرغتم منها ، فاذكروا الله على كل حال ، تستعينون به بالنصر على عدوكم (٢) ، كقوله ـ تعالى ـ : (إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً) [الأنفال : ٤٥] أمر بالثبات عند لقاء العدو ؛ وذكر الله ؛ استعانة منه على عدوهم ؛ فعلى ذلك الأول.
ويحتمل : أن يكون معناه : إذا أردتم أن تقضوا الصلاة فاذكروا الله كثيرا في أي حال كنتم : في حال القيام ، والركوع ، والسجود ؛ كقوله : (وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ ...) معناه ـ والله أعلم ـ : إذا كنت فيهم فأردت أن تقيم لهم الصلاة فافعل كذا ؛ فعلى [ذلك](٣) الأول ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ)
هذا ـ والله أعلم ـ مقابل قوله : (وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ
__________________
(١) في ب : من.
(٢) ذكره ابن جرير (٩ / ١٦٤) ، وأبو حيان في البحر المحيط (٣ / ٣٥٦) ، ونسبه لا بن عباس والجمهور.
(٣) سقط من ب.