أحدهما : لما لم يجعل ذكر التتابع في هذا أصلا لكل ما لم يذكر فيه التتابع.
والثاني : لما بينا من محل كل من أصل ذلك أنه إنما يعلم من علم ما حد ذا من الأصل؟ ومعلوم الاختلاف في الكل ؛ لذلك لم يجب هذا ، لكن يطلق المطلق ويقيد المقيد بالذكر ، وأيد ذلك أن الله ـ تعالى ـ قد ذكر في كل قتل ، ولو كان بالذي يحتمل درك الحد بالتدبير لكان ترك الذكر في هذا لإفهام الحكم في نوع المذكور أقرب منه في غير نوعه ، فبين ـ والله أعلم ـ لوجهين :
أحدهما : للتنبيه على لزوم الرجوع في هذا إلى الذكر.
والثاني : للتنبيه أنه لم يجعل لمكان القتيل ، لكن لما وقع في الدين من التضييع.
وجائز أن يكون شرط الإيمان بما سبق منه تضييع حد من الحدود الذي اقتضى إيجابه عليه الإيمان ، فأمر بإعتاق من يسلم له الرقبة ؛ لحفظ ما ألزمه حق الإيمان من الشغل عنه بحق الرق فيه لغيره.
ويجوز أن يكون إنما أبقيت به نفسه وهي مؤمنة لله تعالى ، فأمر أن يشكر لله ـ تعالى ـ بإبقاء نفس مؤمنة ؛ إذ بالعتق إحياء (١).
وعلى ما ذكر من اختلاف الحدود وما له حدود في حق الشرع لم يقس الطعام على الصيام عند العجز عنه ، على ما قضى به في حق الظهار والفطر ، مع ما في الظهار حق لها لم يكن له التأخير إلى القدرة عليه أو ملك الرقبة ، وليس هاهنا ، وأمر الفطر هو في بعض صيام قد جعل لأصله من الطعام عوضا عرف حده بقوله ـ تعالى ـ : (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ ...) الآية [البقرة : ١٨٤] فعلى ذلك أمر عوض التعدى فيه ، وليس في أمر القتل ذلك.
ودلت الآية بذكر الإيمان على أن له حدّا يعرف موقعه ، ثم الذي يبين فيها آية التصديق خاصة ما جمع بين المؤمن الذي يحتمل أن يكون منه سائر الشرائع ، والذي لا يحتمل سوى نفس الإيمان : وهو المؤمن الذي من قوم عدو لنا ؛ إذ قد يؤمن في دار الحرب بما في العقل دليله ، ولا يعلم به غيره من العبادات التي لها (٢) حق الشرائع.
وقد يجوز أن يكون في الإبلاغ في وصف ما يكفر به إبلاغ في التحذير (٣) عن الغفلة التي لديها خوف وقوع ما ذكر ، وعلى ما ذكرت من تضييع حق ألزمه دينه لزم التعوذ كل
__________________
(١) في ب : واجبا.
(٢) في ب : بها.
(٣) في ب : التجويز.