رقبة مؤمنة ، وذلك يخرج على وجهين :
أحدهما : أن يكون الفعل فعل مأثم ، ولله ـ تعالى ـ مؤاخذته (١) عليه ؛ لأنه بالجهد يمكن اتقاء ذلك ؛ ولذلك تعبد بقوله : (رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا) [البقرة : ٢٨٦] ، وإذا كان كذلك ؛ فيكون ذلك منه توبة إلى الله ؛ ليحفظ عن مثله في أمر الدين.
والثاني : أن يكون عليه حفظ دينه عما يقع فيه من التضييع الذي يبلى بإنساء الشيطان ، أو بفرط غفلة ، أو نحو (٢) ذلك ؛ فيلزم جبر ذلك بما ذكر وإن لم يعلم ؛ إذ قد يجوز وقوع النقصان في ذي الحرمات من وجه لا إثم يلحقه نحو المذكور في المتأذي ، وفي أمر السهو في ذلك : فيؤمر به ؛ لينجبر ذلك ، وذلك نحو ما قد يفسد بأمور من وجه لا يعلم به ، فكذلك أمر النقصان ؛ فيؤمر بالتوبة إلى الله ـ عزوجل ـ عن ذلك بما يمتحن الله به من الأمور ـ والله أعلم ـ مع ما قد يتصل بالقتل ما له حكم الخطأ يأثم المرء عليه ويحرج (٣) ؛ فجائز أن يرجع حرف التوبة من الله إلى ذلك ، وهو سمى خطأ العمد.
والثاني : مما يدل على جعل الإيمان شرطا : أنه جعل لما وقع في حق الدين من التضييع إذا تعلقت الحرمة بالدين من الوجه الذي بينا ، ولا فرق بين عبادة يشار إليها يقع فيها تضييع في حد منها يبرئ (٤) تلك بكفارة وبين جملة من العبادات يعتقدها الإنسان وضمن الوفاء بما يقع في حد منها تضييع أن مقدار حدها من الفرض لا يعلمه إلا من يعلم حد التضييع من الأصل ، ولا يعلم حده غير الذي جعل الحدود ؛ فيكون في ذلك بيان المبرئ (٥) ، وبدونه لعله لا ينجبر (٦) ؛ فألزم بالاحتياط ذلك ، وعلى ذلك أمر الحدود للإجرام.
والثالث : متفق القول على موقع الشرط أنه بحق اللزوم ، وعلى ذلك شرط في التتابع في الصيام له هذا (٧) المعنى والأول جميعا ، وعلى هذا الاتفاق جعل قوم (٨) أمر هذا أصلا لغيره من الكفارات ، ونحن لا نجعلها ؛ لوجهين :
__________________
(١) في ب : مؤاخذة.
(٢) في أ : هو.
(٣) في الأصول : ويخرج.
(٤) في الأصول : يبرم.
(٥) في الأصول : المبرم.
(٦) في أ : لا ينجز.
(٧) في أ : في.
(٨) في ب : قوام.