وعلى هذا المعنى يكون قوله (مَسْؤُلاً) بمعنى جديرا أن يسأل عنه المؤمنون لعظم شأنه.
ويجوز أن يكون السائلون عنه الملائكة ، كما في قوله ـ تعالى ـ : (رَبَّنا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ.). (١).
ويرى بعضهم أن المعنى. كان ذلك العطاء للمؤمنين وعدا منا لهم ، ونحن بفضلنا وكرمنا سننفذ هذا الوعد ، قال ـ تعالى ـ : (وَعْدَ اللهِ لا يُخْلِفُ اللهُ وَعْدَهُ.). (٢).
هذا ، وقد تكلم العلماء هنا عن المراد بلفظ «خير» في قوله ـ تعالى ـ (قُلْ أَذلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ) وقالوا : إن هذا اللفظ صيغة تفضيل ، والمفضل عليه هنا وهو العذاب لا خير فيه البته ، فكيف عبر ـ سبحانه ـ بلفظ خير؟
وقد أجابوا عن ذلك بأن المفاضلة هنا غير مقصودة ، وإنما المقصود هو التهكم بهؤلاء الكافرين الذين آثروا الضلالة على الهداية ، واستحبوا الكفر على الإيمان.
قال أبو حيان ـ رحمهالله ـ : و «خير» هنا ليست تدل على الأفضلية ، بل هي على ما جرت به عادة العرب في بيان فضل الشيء ، وخصوصيته بالفضل دون مقابلة. كقول الشاعر : فشر كما لخير كما الفداء .. وكقول العرب : الشقاء أحب إليك أم السعادة. وكقوله ـ تعالى ـ حكاية عن يوسف ـ عليهالسلام ـ : (رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ) (٣).
ثم تنتقل السورة الكريمة إلى الحديث عن حالهم عند ما يعرضون هم وآلهتهم للحشر والحساب يوم القيامة ، وقد وقفوا جميعا أمام ربهم للسؤال والجواب ، قال ـ تعالى ـ :
(وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبادِي هؤُلاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ (١٧) قالُوا سُبْحانَكَ ما كانَ يَنْبَغِي لَنا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِياءَ وَلكِنْ مَتَّعْتَهُمْ
__________________
(١) سورة غافر الآية ٨.
(٢) سورة الروم الآية ٦.
(٣) تفسير البحر المحيط لأبى حيان ج ٦ ص ٤٨٦.