(وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (٥٥) وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٥٦) لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَأْواهُمُ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ)(٥٧)
قال الإمام ابن كثير : «هذا وعد من الله ـ تعالى ـ لرسوله صلىاللهعليهوسلم بأنه سيجعل أمته خلفاء الأرض أى : أئمة الناس والولاة عليهم ، وبهم تصلح البلاد ، وتخضع لهم العباد ، وقد فعل تبارك وتعالى ذلك .. فإنه لم يمت رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتى فتح عليه مكة وخيبر والبحرين ، وسائر جزيرة العرب ، ولهذا ثبت في الصحيح عن رسوله الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها ، وسيبلغ ملك أمتى ما زوى لي منها ...» (١).
وفي تصدير الآية الكريمة بقوله ـ تعالى ـ : (وَعَدَ اللهُ.). بشارة عظيمة للمؤمنين ، بتحقيق وعده ـ تعالى ـ ، إذ وعد الله لا يتخلف. كما قال ـ تعالى ـ : (وَعْدَ اللهِ لا يُخْلِفُ اللهُ وَعْدَهُ ، وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (٢).
والخطاب للرسول صلىاللهعليهوسلم وللمؤمنين ، ومن بيانية ، والآية الكريمة مقررة لمضمون ما قبلها ، وهو قوله ـ تعالى ـ : (وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا ..).
أى : وعد الله ـ تعالى ـ بفضله وإحسانه ، الذين صدقوا في إيمانهم من عباده ، والذين
__________________
(١) تفسير ابن كثير ج ٦ ص ٨٣.
(٢) سورة الروم الآية ٦.