وقوله ـ تعالى ـ (غَيْرَ مُتَبَرِّجاتٍ بِزِينَةٍ) حال. وأصل التبرج : التكلف والتصنع في إظهار ما يخفى ، من قولهم سفينة بارجة أى : لا غطاء عليها.
والمراد به هنا : إظهار المرأة زينتها ومحاسنها للرجال الذين لا يصح لهم الاطلاع عليها.
أى : لا حرج على النساء القواعد من خلع ثيابهن الظاهرة ، حال كونهن غير مظهرات للزينة التي أمرهن الله ـ تعالى ـ بإخفائها ، وغير قاصدات بهذا الخلع لثيابهن الظاهرة التبرج وكشف ما أمر الله ـ تعالى ـ بستره.
وقوله ـ سبحانه ـ : (وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَ) أى : وأن يبقين ثيابهن الظاهرة عليهن بدون خلع ، خير لهن ، وأطهر لقلوبهن ، وأبعد عن التهمة ، وأنفى لسوء الظن بهن.
وسمى الله ـ تعالى ـ إبقاء ثيابهن عليهن استعفافا. أى : طلبا للعفة ، للإشعار بأن الاحتشام والتستر .. خير للمرأة حتى ولو كانت من القواعد.
وقوله ـ تعالى ـ (وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) أى : سميع لكل ما من شأنه أن يسمع ، عليم بأحوال النفوس وحركاتها وسكناتها.
وبذلك نرى هذه الآيات الكريمة ، قد بينت للناس أقوم المناهج ، وأسمى الآداب ، وأفضل الأحكام التي باتباعها يسعد الأفراد والجماعات.
* * *
ثم انتقلت السورة الكريمة بعد ذلك إلى الحديث عن أحكام أخرى فيها ما فيها من حسن للتنظيم في العلاقات بين الأقارب والأصدقاء ، وفيها ما فيها من اليسر والسماحة ، فقال ـ تعالى ـ :
(لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَواتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خالاتِكُمْ أَوْ ما مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ