(كَذلِكَ سَلَكْناهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (٢٠٠) لا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ (٢٠١) فَيَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (٢٠٢) فَيَقُولُوا هَلْ نَحْنُ مُنْظَرُونَ (٢٠٣) أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ (٢٠٤) أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ (٢٠٥) ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا يُوعَدُونَ (٢٠٦) ما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يُمَتَّعُونَ (٢٠٧) وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلاَّ لَها مُنْذِرُونَ (٢٠٨) ذِكْرى وَما كُنَّا ظالِمِينَ (٢٠٩) وَما تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّياطِينُ (٢١٠) وَما يَنْبَغِي لَهُمْ وَما يَسْتَطِيعُونَ (٢١١) إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ)(٢١٢)
وقوله ـ تعالى ـ : (سَلَكْناهُ) من السّلك بمعنى إدخال الشيء في الشيء تقول : سلكت الطريق إذا دخلت فيه. والضمير يعود إلى القرآن الكريم وقوله : (كَذلِكَ سَلَكْناهُ) : نعت لمصدر محذوف.
أى : مثل ذلك الإدخال العجيب ، أدخلنا القرآن في قلوب المجرمين ، حيث جعلناهم ـ بسبب جحودهم وعنادهم ـ مع تأثرهم به واعترافهم بفصاحته ، لا يؤمنون به ، حتى يروا بأعينهم العذاب الأليم.
ومنهم من يرى أن الضمير في (سَلَكْناهُ) يعود إلى كفر الكافرين وتكذيبهم. والمعنى ـ كما يقول ابن كثير ـ : كذلك سلكنا التكذيب والكفر والجحود والعناد. أى : أدخلناه في قلوب المجرمين ، لا يؤمنون به. أى : بالحق (حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ) حيث لا ينفع الظالمين معذرتهم ، ولهم اللعنة ولهم سوء الدار. (١).
والرأيان متقاربان في المعنى ، لأن المراد بالتكذيب على الرأى الثاني تكذيبهم بالقرآن ، إلا
__________________
(١) تفسير ابن كثير ج ٦ ص ١٧٣.