والآذان : الإعلام. و «رجالا» أى : مشاة على أرجلهم ، جمع راجل.
يقال : رجل بزنة فرح فلان يرجل فهو راجل إذا لم يكن معه ما يركبه.
والضامر : البعير المهزول من طول السفر ، وهو اسم فاعل من ضمر ـ بزنة قعد ـ يضمر ضمورا فهو ضامر ، إذا أصابه الهزال والتعب.
وجملة «يأتين من كل فج عميق» صفة لقوله «كل» ، والجمع باعتبار المعنى. كأنه قيل : وركبانا على ضوامر من كل طريق بعيد ..
والفج في الأصل : الفجوة بين جبلين ، ويستعمل في الطريق المتسع. والمراد به هنا : مطلق الطريق وجمعه فجاج.
والعميق : البعيد ، مأخوذ من العمق بمعنى البعد ، ومنه قولهم : بئر عميقة ، أى : بعيدة الغور.
والمعنى : وأعلم يا إبراهيم الناس بفريضة الحج يأتوك مسرعين مشاة على أقدامهم ، ويأتوك راكبين على دوابهم المهزولة ، من كل مكان بعيد.
قال ابن كثير : أى : ناد ـ يا إبراهيم ـ في الناس داعيا إياهم إلى الحج الى هذا البيت الذي أمرناك ببنائه ، فذكر أنه قال : يا رب ، وكيف أبلغ الناس وصوتي لا يصل إليهم؟ فقيل : ناد وعلينا البلاغ ، فقام على مقامه ، وقيل : على الحجر ، وقيل : على الصفا ، وقيل : على أبى قبيس ، وقال : يا أيها الناس ، إن ربكم قد اتخذ بيتا فحجوه فيقال : إن الجبال تواضعت حتى بلغ الصوت أرجاء الأرض ، وأجابه كل شيء سمعه من حجر ومدر وشجر ، ومن كتب الله أنه يحج إلى يوم القيامة : «لبيك اللهم لبيك» (١).
وقيل : إن الخطاب في قوله ـ تعالى ـ : (وَأَذِّنْ ...) للرسول صلىاللهعليهوسلم وأن الكلام عن إبراهيم ـ عليهالسلام ـ قد انتهى عند قوله ـ تعالى ـ : (وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ).
وجمهور المفسرين على أن الخطاب لإبراهيم ـ عليهالسلام ـ لأن سياق الآيات يدل عليه ، ولأن التوافد على هذا البيت موجود منذ عهد إبراهيم.
وما يزال وعد الله يتحقق منذ هذا العهد الى اليوم وإلى الغد ، وما تزال أفئدة ملايين الناس تهوى إليه ، وقلوبهم تنشرح لرؤيته ، وتسعد بالطواف من حوله ...
وقوله ـ سبحانه ـ : (لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ) متعلق بقوله : (يَأْتُوكَ).
__________________
(١) تفسير ابن كثير ج ٥ ص ٤١٠.