وذلك لأن هؤلاء الظالمين ، حين عجزوا عن مقارعة الحجة بالحجة لجئوا إلى السطو والعدوان ، وهذا شأن الطغاة الجاهلين في كل زمان ومكان.
ثم أمر الله ـ تعالى ـ رسوله صلىاللهعليهوسلم أن يقول لهؤلاء الطغاة على سبيل التهديد والوعيد ، ما من شأنه أن يردعهم عن سطوهم وبغيهم فقال : (قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكُمُ).
أى : قل ـ أيها الرسول الكريم ـ لهؤلاء الظالمين ألا أخبركم بما هو أشد ألما من غيظكم على من يتلو عليكم آياته ، ومن همكم بالسطو عليه؟.
أشد من كل ذلك (النَّارُ) التي (وَعَدَهَا اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا) أى : وعدهم بدخولها ، وبالاصطلاء بسعيرها (وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) مصير هؤلاء الكافرين.
قال الجمل : وقوله : (النَّارُ) خبر مبتدأ محذوف ، كأن سائلا سأل فقال : وما الأشر؟ فقيل : النار ، أى : هو النار. وحينئذ فالوقف على ذلكم ، أو على النار.
ويصح أن يكون لفظ النار مبتدأ ، والخبر : وعدها الله. وعلى هذا فالوقف على : كفروا .. (١).
ثم وجه ـ سبحانه ـ نداء إلى الناس. بين فيه أن كل آلهة تعبد من دونه ـ عزوجل ـ فهي باطلة وهي أعجز من أن تدافع عن نفسها ، وأن كل عابد لها هو جاهل ظالم. فقال ـ تعالى ـ :
(يا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ (٧٣) ما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (٧٤) اللهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ
__________________
(١) حاشية الجمل على الجلالين ج ٣ ص ١٨٠.