ثم تسوق السورة بعد ذلك موقف الكافرين عند سماعهم لآيات الله ـ تعالى ـ كما تسوق ما قالوه للمؤمنين على سبيل التفاخر عليهم ، وما رد به القرآن على هؤلاء المترفين المتعالين ، قال ـ تعالى ـ :
(وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقاماً وَأَحْسَنُ نَدِيًّا (٧٣) وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثاثاً وَرِءْياً (٧٤) قُلْ مَنْ كانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضْعَفُ جُنْداً (٧٥) وَيَزِيدُ اللهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَخَيْرٌ مَرَدًّا)(٧٦)
فقوله ـ سبحانه ـ : (وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ ...) حكاية لما قاله الكافرون للمؤمنين على سبيل التباهي والتفاخر.
أى : وإذا تتلى على هؤلاء المشركين المنكرين للبعث آياتنا البينات الواضحات ، الدالة على صحة وقوع البعث والحساب يوم القيامة (قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا) على سبيل العناد والتعالي (لِلَّذِينَ آمَنُوا) بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ، قالوا لهم انظروا (أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقاماً وَأَحْسَنُ نَدِيًّا).
والمقام ـ بفتح الميم ـ : مكان القيام والمراد به مساكنهم ومنازلهم التي يسكنونها وينزلون بها.
والندى والنادي والمنتدى : مجلس القوم ومكان تجمعهم.
يقال : ندوت القوم أندوهم ندوا ، إذا جمعتهم في مجلس للانتداء. ومنه : دار الندوة للمكان الذي كانت تجتمع فيه قريش للتشاور في أمورها.
أى : وإذا تتلى على هؤلاء الكافرين آياتنا الدالة على وحدانيتنا وقدرتنا وعلى أن البعث