للاهتمام به إذ الصلاة أفضل العبادات البدنية والزكاة أفضل العبادات المالية (وَكانُوا لَنا عابِدِينَ) لا لغيرنا ، فهم لم يخطر ببالهم عبادة أحد سوانا ، لأنهم من المصطفين الأخيار.
هذا ، والمتأمل في هذه الآيات الكريمة التي وردت في قصة إبراهيم مع قومه. يراها قد حكت لنا غيرة إبراهيم ـ عليهالسلام ـ على دين الله ـ تعالى ـ وقوة حجته في الدفاع عن الحق ، ومجاهدته بما يعتقده بدون خوف من قومه ، وجمعه في دعوته بين القول والعمل.
كما يراها قد بينت لنا أن من يدافع عن دين الله ـ تعالى ـ يدافع الله ـ سبحانه ـ عنه ، وينصره على أعدائه ، ويرد كيدهم في نحورهم.
كما يراها ـ أيضا ـ قد أشارت إلى أن من هاجر من أرض إلى أخرى من أجل إعلاء كلمة الله ـ تعالى ـ رزقه الله نظير ذلك الخير والبركة ، والذرية الصالحة التي تهدى غيرها إلى الطريق المستقيم.
ثم ساق ـ سبحانه ـ جانبا من قصة لوط ـ عليهالسلام ـ مع قومه فقال ـ تعالى ـ :
(وَلُوطاً آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ تَعْمَلُ الْخَبائِثَ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فاسِقِينَ (٧٤) وَأَدْخَلْناهُ فِي رَحْمَتِنا إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ)(٧٥)
وقوله ـ تعالى ـ : (وَلُوطاً) منصوب بفعل مضمر يفسره المذكور بعده وهو (آتَيْناهُ).
أى : وآتيناه لوطا ـ عليهالسلام ـ (حُكْماً) أى : نبوة ، أو حكمة تهديه إلى ما يجب فعله أو تركه و «علما» أى : علما كثيرا لما ينبغي علمه وفهمه.
(وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ تَعْمَلُ الْخَبائِثَ) والمراد بالقرية : قرية سدوم التي أرسل الله ـ تعالى ـ لوطا لأهلها.
والأعمال الخبيثة التي كانوا يعملونها على رأسها الإشراك بالله ـ تعالى ـ وفاحشة اللواط التي اشتهروا بها دون أن يسبقهم إليها أحد. كما قال ـ تعالى ـ : (وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ* أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ ، وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ (١) وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ (٢) الْمُنْكَرَ ، فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا ائْتِنا بِعَذابِ اللهِ إِنْ
__________________
(١) السبيل : الطريق.
(٢) ناديكم : مجالسكم.