يحول بين تنفيذه حائل ، مهما فعل الكافرون ، وكره الكارهون ، فليموتوا بغيظهم ، فإن الله ـ تعالى ـ ناصر نبيه لا محالة.
وصح عود الضمير في قوله (أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ) إلى النبي صلىاللهعليهوسلم مع أنه لم يسبق له ذكر ، لأن الكلام دال عليه في الآيات السابقة ، إذ المراد بالإيمان في قوله ـ تعالى ـ في الآية السابقة (إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ...) الإيمان بصدق النبي صلىاللهعليهوسلم فيما جاء به عند ربه ـ تعالى ـ.
وعبر ـ سبحانه ـ عن اختناق هذا الحاقد بالحبل بقوله : (ثُمَّ لْيَقْطَعْ) لأن قطع الشيء يؤدى إلى انتهائه وهلاكه ، والمفعول محذوف. والتقدير : ثم ليقطع نفسه أو حياته.
وقد صدر صاحب الكشاف تفسيره للآية بهذا القول فقال : هذا كلام قد دخله اختصار.
والمعنى : إن الله ناصر رسوله في الدنيا والآخرة ، فمن كان يظن من حاسديه وأعاديه أن الله يفعل خلاف ذلك .. فليستقص وسعه ، وليستفرغ مجهوده في إزالة ما يغيظه. بأن يفعل ما يفعله من بلغ به الغيظ كل مبلغ ، حتى مد حبلا إلى سماء بيته فاختنق ، فلينظر ـ هذا الحاسد ـ وليصور في نفسه أنه إن فعل ذلك هل يذهب نصر الله الذي يغيظه؟
وسمى ـ سبحانه ـ فعل هذا الكافر كيدا ، لأنه وضعه موضع الكيد ، حيث لم يقدر على غيره ، أو سماه كذلك على سبيل الاستهزاء ، لأنه لم يكد به محسوده ، إنما كاد نفسه.
والمراد : إنه ليس في يده إلا ما ليس بمذهب لما يغيظه ...» (١).
وثانيها : إن الضمير في قوله : (لَنْ يَنْصُرَهُ) يعود إلى «من» في قوله (مَنْ كانَ يَظُنُ) وأن النصر هنا بمعنى الرزق ..
فيكون المعنى : من كان من الناس يظن أن لن يرزقه الله في الدنيا والآخرة فليختنق ، وليقتل نفسه ، إذ لا خير في حياة ليس فيها رزق الله وعونه ، أو فليختنق ، فإن اختناقه لن يغير شيئا مما قضاه الله ـ تعالى ـ.
قال الآلوسى : واستظهر أبو حيان كون الضمير في «ينصره» عائدا على «من» لأنه المذكور ، وحق الضمير أن يعود على مذكور ... وفسر النصر بالرزق.
قال أبو عبيدة : وقف علينا سائل من بنى بكر فقال : من ينصرني نصره الله ـ أى : من يرزقني رزقه الله.
__________________
(١) تفسير الكشاف ج ٣ ص ١٤٨.