نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ) (١).
ومن فوائد ما قصه الله ـ تعالى ـ عليه من أنباء السابقين : زيادة علمه صلىاللهعليهوسلم ، وتكثير معجزاته ، وتثبيت فؤاده ، وتسليته عما أصابه من سفهاء قومه ، وتذكير المؤمنين بأحوال تلك الأمم السابقة ليعتبروا ويتعظوا.
وقوله ـ سبحانه ـ : (وَقَدْ آتَيْناكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْراً) تنويه وتعظيم لشأن القرآن الكريم.
أى : وقد أعطيناك ومنحناك من عندنا وحدنا (ذِكْراً) عظيما. وهو القرآن الكريم ، كما قال ـ تعالى ـ : (وَهذا ذِكْرٌ مُبارَكٌ أَنْزَلْناهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ).
قال الفخر الرازي : وفي تسمية القرآن بالذكر وجوه :
أحدها : أنه كتاب فيه ذكر ما يحتاج إليه الناس من أمر دينهم ودنياهم.
وثانيها : أنه يذكر أنواع آلاء الله ونعمائه على الناس ، ففيه التذكير والوعظ.
وثالثها : أنه فيه الذكر والشرف لك ولقومك ، كما قال ـ سبحانه ـ : (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ) (٢).
ثم بين ـ سبحانه ـ سوء عاقبة من يعرض عن هداية هذا القرآن فقال : (مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وِزْراً) .. (خالِدِينَ فِيهِ وَساءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ حِمْلاً).
والوزر في الأصل يطلق على الحمل الثقيل ، وعلى الإثم والذنب ، والمراد به هنا العقوبة الثقيلة الأليمة المترتبة على تلك الأثقال والآثام.
قال صاحب الكشاف : والمراد بالوزر : العقوبة الثقيلة الباهظة ، سماها وزرا تشبيها في ثقلها على المعاقب ، وصعوبة احتمالها ، بالحمل الذي يفدح الحامل ، وينقض ظهره ، أو لأنها جزاء الوزر وهو الإثم (٣).
وقد أخبرنا القرآن في كثير من آياته ، أن الكافرين يأتون يوم القيامة وهم يحملون أوزارهم ، أى : أثقال ذنوبهم على ظهورهم ، ومن ذلك قوله ـ تعالى ـ : (لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ ، وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ ، أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ) (٤).
__________________
(١) سورة النساء الآية ١٦٤.
(٢) تفسير الفخر الرازي ج ٦ ص ٧١.
(٣) تفسير الكشاف ج ٣ ص ٨٦.
(٤) سورة النحل الآية ٢٥.