فقالوا اللهم لا.
فأقر القوم به ولم ينكروه واعترفوا بصحته ولم يجحدوه.
فإن قال قائل فما باله لم يذكر في حال احتجاجه به تقرير رسول الله صلى الله عليه وسلم للناس على أنه أولى بهم منهم بأنفسهم ولم أقتصر على ما ذكر وهو لا ينفع في الاستدلال عندكم ما لم يثبت التقرير المتقدم وما جوابكم لمن قال إن المقدمة لم تصح وليس لها أصل وقد سمعنا هذا الخبر ورد في بعض الروايات وهو عار منها فما قولكم فيها؟
قيل له إن خلو مناشدة (١) أمير المؤمنين عليهم السلام من ذكر المقدمة لا يدل على نفيها أو الشك في صحتها لأنه قررهم من بعض الخبر على ما يقتضي الإقرار بجميعه اختصارا في كلامه وغنى بمعرفتهم بالحال عن إيراده على كماله (٢).
وهذه عادة الناس فيما يقرون به.
وقد قررهم في ذلك المقام بخبر الطائر (٢) فقال أفيكم رجل قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم ابعث إلي بأحب خلقك يأكل معي غيري.
ولم يذكر هذا الطائر وكذلك لما قررهم بقول النبي عليهم السلام فيه حيث ندبه لفتح خيبر وذكر لهم بعض الكلام دون جميعه اتكالا منه على ظهوره بينهم واشتهاره.
فأما المتواترون بالخبر فلم يوردوه إلا على كماله ولا سطروه في كتبهم إلا بالتقرير الذي في أوله.
__________________
(١) في النسخة : (إنشاء)
(٢) خبر مناشدة عليّ عليه السلام يوم الشورى رواه الطبريّ الإمامي في المسترشد صلى الله عليه وسلم ٥٧ ـ ٦٢. وتجده في المناقب لابن المغازلي صلى الله عليه وسلم ١١١ ـ ١١٨.
(٣) حديث الطائر المشوي رواه أنس بن مالك ، وهو أنّه كان عند النبيّ صلّى اللّه عليه وآله طير فقال : اللّهمّ ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي هذا الطائر فجاء عليّ عليه السلام فأكل معه». ورواه الترمذي في الصحيح. وهو مرويّ في مستدرك الصحيحين وحلية الأولياء ، وتاريخ بغداد للخطيب وفي أسد الغابة وكنز العمّال ومجمع الزوائد انظر (فضائل الخمسة ج ٢ صلى الله عليه وسلم ١٨٩ ، ١٩٥).
وقد روى حديث الطائر ، ابن المغازلي في المناقب بطرق عديدة انظر : المناقب صلى الله عليه وسلم ١٥٦ ـ ١٧٥.