لابن المعتز (١) في جارية له :
يا دهر كيف شققت نفسا |
|
فخلست منها النصف خلسا |
وتركت نصفا للأسى |
|
جعل البقاء عليه نحسا |
سقيا لوجه حبيبه |
|
أودعتها كنفا ورمسا |
وأنشد لذي الرمة (٢) :
وإن امرأ في بلدة نصف قلبه |
|
ونصف بأخرى إنه لصبور |
فصل من الأدب :
روي عن بعض الأدباء أنه قال لابنه :
اقتن من مكارم الأخلاق خمسا وارفض ستا واطلب العز بسبع واحرص على ثمان فإن فزت بتسع بلغت المدى وإن أحرزت عشرا أحرزت الدنيا والآخرة.
فأما الخمس المقتناة فخفض الجانب وبذل المعروف وإعطاء النصفة من نفسك وتجنب الأذى وتوقي الغرم.
وأما الست المرفوضة فطاعة الهوى وارتكاب البغي وسلوك التطاول وقساوة القلب وفظاظة القول وكثرة التهاون.
وأما السبع التي ينال بها العز فأداء الأمانة وكتمان السر وتأليف المجانب وحفظ الإخاء وإقالة العثرة والسعي في حوائج الناس والصفح عند الاعتذار.
وأما الثمان التي تحرص عليها فتعظيم أهل الفضل وسلوك طرق الكرم والمواساة في ملك اليد وحفظ النعم بالشكر واكتساب الأجر بالصبر ،
__________________
(١) هو عبد اللّه بن محمّد وقيل الزبير المعتز ابن المتوكل العباسيّ ولد سنة ٢٤٩ ه ومات قتلا سنة ٢٩٦ ه بويع له بالخلافة ولم يستقم أمره سوى يوم واحد ، ثمّ أخذ هو ووزيره وحاجبه وحبس.
كان من الأدباء والشعراء المجيدين وبخاصّة في الوصف وهو أول من صنف في علم البديع.
(٢) هو أبو الحرث غيلان بن عقبة ينتهي نسبه إلى نزار من فحول الشعراء الإسلاميين ولقب بذي الرمة بالضم والكسر وهو قطعة حبل لقوله : (أشعث باقي رمة التقليد)كانت وفاته سنة ١١٧ ه ولما حضرته الوفاة قال : أنا ابن نصف الهرم وأنا ابن أربعين سنة.