وفيها حج نصر القشوري صاحب المقتدر قال فدخلت مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم فأصبت بها قافلة البصريين وفيها أبو بكر محمد بن علي المادراني ومعه رجل من أهل المغرب يذكر أنه رأى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فازدحم عليه الناس وجعلوا يتمسحون به فكادوا يقتلونه.
قال فأمر عمي أبو القاسم طاهر بن يحيى فتيانه وغلمانه أن يفرجوا عنه ففعلوا ودخلوا به إلى دار ابن أبي سهل اللطفي وكان طاهر يسكنها وأذن للناس فدخلوا وكان معه خمسة رجال ذكر أنهم أولاده وأولاد أولاده فيهم شيخ له نيف وثمانون سنة فسألناه عنه فقال هذا ابني واثنان لكل واحد منهما ستون أو خمسون سنة وآخر (١) ست عشرة سنة فقال هذا ابني.
ولم يكن معه أصغر منه وكان إذا رأيته قلت ابن ثلاثين أو أربعين سنة أسود الرأس واللحية شاب نحيف الجسم آدم ربع القامة خفيف العارضين هو إلى القصر أقرب واسمه علي بن عثمان بن الخطاب (بن مزيد) (٢)
فمما سمعت من حديثه الذي حدث الناس به أنه قال :
خرجت من بلدي أنا وأبي وعمي نريد الوفود على رسول الله صلى الله عليه وسلم وكنا مشاة في قافلة فانقطعنا عن الناس واشتد بنا العطش وعدمنا الماء وزاد بأبي وعمي الضعف فأقعدتهما إلى جانب شجرة ومضيت ألتمس لهما ماء فوجدت عينا حسنة وفيها ماء صاف في غاية البرد والطيبة فشربت حتى ارتويت ثم نهضت لآتي بأبي وعمي إلى العين فوجدت أحدهما قد مات وتركته بحاله وأخذت الآخر ومضيت به في طلب العين فاجتهدت أن أراها فلم أرها ولا عرفت موضعها وزاد العطش به فمات فحرصت في أمره حتى واريته وعدت إلى الآخر فواريته أيضا وسرت وحدي إلى أن انتهيت إلى الطريق ولحقت بالناس ودخلنا المدينة وكان دخولي إليها في اليوم الذي
__________________
(١) في النسخة : وإخوته ، والتصحيح عن إكمال الدين صلى الله عليه وسلم ٥٠٧.
(٢) الزيادة عن إكمال الدين صلى الله عليه وسلم ٥٠٧.