قبض فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأيت الناس منصرفين من دفنه فكانت أعظم الحسرات دخلت قلبي.
ورآني أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهم السلام فحدثته حديثي فأخذني فكنت يتيمة فأقمت معه مدة خلافة أبي بكر وعمر وعثمان وأيام خلافته حتى قتله عبد الرحمن بن ملجم بالكوفة. قال ولما حوصر عثمان بن عفان في داره دعاني ودفع إلي كتابا ونجيبا وأمرني بالخروج إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهم السلام وكان علي غائبا بينبع في ضياعه وأمواله فأخذت الكتاب وركبت النجيب وسرت حتى إذا كنت بموضع يقال له جنان بن أبي عيابة سمعت قرآنا فإذا هو أمير المؤمنين عليهم السلام يقرأ :
(أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ)
قال فلما نظر إلي قال يا أبا الدنيا ما وراءك؟
قلت هذا كتاب عثمان فقرأه فإذا فيه :
فإن كنت مأكولا فكن أنت آكلي |
|
وإلا فأدركني ولما أمزق |
فلما قرأه قال سر سر فدخلنا المدينة ساعة قتل عثمان فمال أمير المؤمنين إلى حديقة بني النجار وعلم الناس مكانه فجاءوا إليه ركضا وقد كانوا عازمين على أن يبايعوا طلحة فلما نظروا إليه ارفضوا عن طلحة ارفضاض الغنم يشد عليها السبع فبايعه طلحة والزبير ثم تتابع المهاجرون والأنصار يبايعونه فأقمت معه أخدمه وحضرت معه صفين أو قال النهروان فكنت عن يمينه إذ سقط السوط من يده فانكببت لآخذه وأرفعه إليه وكان لجام دابته لمخا فشجني هذه الشجة فدعاني أمير المؤمنين عليهم السلام فتفل فيها وأخذ حفنة من تراب فتركها عليها فو الله ما وجدت ألما ولا وجعا.
ثم أقمت معه صلى الله عليه وسلم وصحبت الحسن عليهم السلام حتى بالساباط وحمل إلى المدائن ولم أزل معه بالمدينة حتى مات عليهم السلام مسموما سمته جعدة بنت الأشعث بن قيس الكندي.