احذر العاقل إذا أغضبته والكريم إذا هنته والنذل إذا أكرمته والجاهل إذا صاحبته.
من كف عنك شره فاصنع به ما سره
من أمنت من أذيته فارغب في أخوته
فصل من الكلام في الغيبة وسببها
إن قال قائل ما السبب الموجب لغيبة صاحب الزمان عليه وعلى آبائه أفضل السلام.
قيل له لا يسأل عن هذا السؤال إلا من قد أعطى صحة وجود الإمام وسلم ما ذكره من غيبته من الأنام لأن النظر في سبب الغيبة فرع عن كونها فلا يجوز أن يسأل عن سببها من يقول إنها لم تكن وكذلك الغيبة نفسها فرع عن صحة الوجود إذ كان لا يصح غيبة من ليس بموجود فمن جحد وجود الإمام فلا يصح كلامه في ما بعد ذلك من هذه الأحوال فقد بان أنه لا بد من تسليم الوجود والإمامة والغيبة أما تسليم دين واعتقاد ليكشف السائل عن السبب الموجب للاستتار وأما تسلم نظر واحتجاج لينظر السائل عن السبب إن كان كلامنا في الفرع ملائما للأصل وأنه مستمر عليه من غير أن يضاده وينافيه.
فإن قال السائل أنا أسلم لك ما ذكرتموه من الأصل لا عن نظر إن كان ينتظم معه جوابكم عن الفرع فما السبب الآن في غيبة الإمام عليهم السلام؟
فقيل له أول ما نقوله في هذا إنه ليس يلزمنا معرفة هذا السبب ولا يتعين علينا الكشف عنه ولا يضرنا عدم العلم به.
والواجب علينا اللازم لنا هو أن نعتقد أن الإمام الوافر المعصوم الكامل العلوم لا يفعل إلا ما هو موافق للصواب وإن لم نعلم الأغراض في أفعاله والأسباب فسواء ظهر أو استتر قام أو قعد كل ذلك يلزمه فرضه دوننا ويتعين عليه فعل الواجب فيه سوانا وليس يلزمنا علم جميع ما علم كما لا يلزمنا فعل جميع ما فعل وتمسكنا بالأصل من تصويبه في كل فعل يغنينا في