جناية المجبرة على الإسلام
فصل اعلم أيدك الله تعالى أن جناية المجبرة على الإسلام كثيرة وبليتها عظيمة بحملها المعاصي على الله تعالى وقولها إنه لا يكون إلا ما أراده الله تعالى وإنه لا قدرة للكافر على الخلاص من كفره ولا سبيل للفاسق إلى ترك فسقه وإن الله تعالى قضى بالمعاصي على قوم وخلقها لهم وفعلها فيهم ليعاقبهم عليها وقضى بالطاعات على قوم وخلقهم لها وفعلها فيهم ليثيبهم عليها.
وهذا الاعتقاد القبيح يسقط عن المكلف الحرص على فعل الطاعة والاجتهاد والاجتناب عن المعصية لأنه يرى أن اجتهاده لا ينفع وحرصه لا يغني بل لا اجتهاد في الحقيقة ولا حرص لأنه مفعول فيه غير فاعل وموجد فيه غير موجد ومخلوق لشيء لا محيد له عنه ومسبوق لأمر لا انفصال له منه فأي خوف مع هذا يقع وأي وعيد معه ينفع نعوذ بالله مما يقولون ونبرأ إليه مما يعتقدون. وأنشدت لبعض أهل العدل شعرا :
سألت المخنث عن فعله |
|
علام تخنث يا ماذق |
فقال ابتلاني بدائي العضال |
|
وأسلمني القدر السابق |
ولمت الزناة على فعلهم |
|
فقالوا بهذا قضى الخالق |
وقلت لآكل مال اليتيم |
|
[ألؤما] وأنت امرؤ فاسق |
فقال ولجلج في قوله |
|
أكلت وأطعمني الرازق |
_________________
(١) أضفنا هذه الكلمة لاستقامة الوزن ، وهي في النسخة غير موجودة.