وبعد فإن شكر المنعم عندنا وعند البراهمة مما هو واجب في العقل وليس في وجوبه ووجوب تعظيم مبدإ النعمة خلاف وشكر الله تعالى وتعظيمه أوجب ما يلزمنا لعظيم أياديه لدينا وإحسانه إلينا.
ولسنا نعلم بمبلغ عقولنا أي نوع يريده من تعظيمنا له وشكرنا هذا مع الممكن من لطف يكون (١) في نوع من ذلك لنا لا يعلمه إلا خالقنا.
ثم يقال للبراهمة أيضا :
لو لم يكن في العقل القسم الجائز الذي ذكرناه وكانت الأشياء لا تخلو من واجب وممتنع دون ما بيناه لم يستغن مع هذا التسليم عن المرسلين لأنهم ينبهون على طريق الاستدلال المسترشدين ويحركون الخواطر بالتذكار إلى سنن التأمل والاعتبار.
وهذا أمر يدل عليه ما نشاهده من أحوال العقلاء وافتقارهم إلى من يفتح لهم باب الاستدلال أولا.
وفي بعض ما أوردناه بيان عن غلط البراهمة فيما اعتدت ونقض لشبهتها التي ذكرت والحمد لله.
مختصر من الكلام على اليهود في إنكارهم جواز النسخ في الشرع
اعلم أن اليهود طائفتان إحداهما تدعي أن نسخ الشرع لا يجوز في العقل والأخرى تجيز ذلك عقلا وتزعم أن المنع منه ورد به السمع.
فأما المدعون على العقل الشهادة بقبح النسخ فإنهم زعموا أن النسخ هو البداء.
_________________
(١) في العبارة قلق تركيبي وإن كان المراد واضحا.