مثل هذا الحال ،
فضيلة ولا رذيلة.
وأما إن كان
المحرك للإعطاء ، هو الحس الإنساني ، كالشعور بآلام الآخرين ، من دون أن يربط ذلك
بالله سبحانه ، فإنه يستحق المدح الدنيوي ، بمعنى مدح كماله في صفاته البشرية ،
ويكون عمله استجابة لهذا الكمال ، ولكنه لا يستحق ثوابا في الآخرة ، لأنه قد بقي
بلا هدف ، وبدون امتداد ، فلا يوجد في ذلك العمل أية خصوصية من شأنها أن تصله
بالباقي ، والدائم تبارك وتعالى ..
وفي جميع الأحوال
نقول :
إن الإسلام قد
اهتم بتوجيه الإنسان نحو الأسمى ، والأنمى ، والأبقى ، والأزكى ، في مسيرة التكافل
الإنساني. ولكنه جعل لصلة الرحم وجهة عبادية وإلهية ، ومنطلقا إنسانيا ، واعتمدها
كوسيلة بناء ، بدلا من أن تكون منطلقة من العصبية العمياء ، وجعل للعطاء والإطعام
، وجهة عبادية ، ووجهة إصلاحية ، ودوافع إنسانية ، تجعله أكثر ملاءمة ، وتأثيرا
إيجابيا في المسيرة السليمة لحياة الإنسان ، بدلا من أن يكون البذل بهدف التسلط ،
والإذلال ، والإفساد.
وهذا الخوف من
الله ، إشفاقا من ذلك اليوم ، وحذرا منه ، هو بمثابة صمام أمان ، يجعل الإنسان
مهتما بضبط حركته ، ومراقبتها ، للاطمئنان إلى أنها في الصراط المستقيم ، فهو
يراقب الله ، من موقع إدراكه لربوبيته التي هي تعني الإدراك لحكمته ، ومحبته ،
ورعايته ، وعلمه ، ورحمته ، ولطفه.
والأبرار إنما
يريدون أن يتكاملوا في ظل هذه الرعاية الإلهية ، والتربية الربانية.
كما أن قول
الأبرار : «لوجه الله» قد جاء ليضبط حركة الإطعام ،