في وجوده من الماضي إلى الحاضر ، وجعل الإنسان الموضوع لكلامه أيضا وليس البشر ـ ربما ـ ليفيد أنه لا يقصر نظره على وجوده الجسماني المادي. بل هو ينظر إليه ، بما له من خصائص إنسانية ، من روح ونفس ، وبما له من مشاعر ، وقوى ، وملكات ، وأحاسيس.
إنه يريد أن يفهمنا : أن بقاء هذا الإنسان الباقي والمستمر ، الذي يذكره الله بالنعم ، ليس بسبب وجود طاقة البقاء في داخل ذاته وحقيقته ، وذلك لأنه موجود ملابس للزمان ، والزمان مهيمن عليه ، وهو يفرض عليه التصرم والزوال ، فحدوثه المتجدد إنما هو من خلال محدثه وموجده ، وهو الله سبحانه ..
وبذلك يتضح لنا السبب في أنه لم يعبر بكلمة بشر ، الذي يمر عبر مراحل : فيكون نطفة ، ثم علقة ، ثم مضغة ، ثم يكسو الله العظام لحما. بل عبر بكلمة إنسان! حيث تبدأ مرحلة أخرى أرقى من هذه المراحل كلها ، قد عبر الله عنها بقوله : (ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ ..) وهي مرحلة نفخ الروح التي تؤهله لأن يجد خصائصه الإنسانية وفقا للسنن الإلهية في ذلك.
وبذلك يتضح أيضا لماذا أدخل الزمان في الحديث عن حياة الإنسان ، فإنه مفيد في بيان هيمنته وتأثيره في واقعه الإنساني.
«الإنسان» :
إن الإنسان بما هو إنسان ، موضع عنايته تعالى ، وليس الحديث عن حالات أفراده : كزيد ، وبكر ، من كبر وصغر ، ولا عما يطرأ عليه من موت أو حياة ، ونحو ذلك. وهذا معناه : أن الكلام الوارد يصدق على من خلق حين نزول الآيات ، وعلى غيره ..
أما الآية الثانية ، وهي قوله : (إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ) ،