لماذا «يوما» .. بتنوين التنكير؟! :
وقد قال تعالى : (يَخافُونَ يَوْماً) ، ولم يقل : يخافون اليوم الذي كان شره مستطيرا ، وكذلك لم يقل : يخافون يوم القيامة.
فلعل السبب في ذلك هو أنه أراد التصريح بتنوين التنكير في قوله «يوما» لكي يعطي المزيد من الرهبة ، والتهويل ، والتعظيم .. من حيث إن عدم التحديد لأهوال ذلك اليوم ، يجعل الذهن يستنفر كل طاقاته ، ويذهب كل مذهب في تخيل أوصاف ذلك اليوم ، وحالاته ، وأهواله ، وشدائده .. وهو مناسب جدا لقوله : «كان شره مستطيرا».
مناشىء الخوف :
وإن للخوف بمعنى الانفعال النفساني مناشئ ومحركات مختلفة ..
فقد يكون مبعث الخوف هو النفس الأمارة بالسوء ، كالذي يخشى فوات فرصة التلذذ بالجنس ، فيقدم على الزنى ، وقد يكون مبعثه التحرز من التعرض للأذى بعد ارتكاب جريمة مّا. كالسارق الذي يخاف من انكشاف أمره ، وملاحقته بالعقوبة ..
وقد يكون الباعث على الخوف هو النفس اللوامة .. كمن يخاف من غلبة دواعي الهوى عليه .. مع سعيه للتخلص منها ..
وقد يكون الباعث له هو النفس المطمئنة التي تبحث عن الخير ، وتخاف من فواته منها ، كمن يخشى فوات فرصة الحج ، أو نحو ذلك ..
فالحالة الشعورية التي هي انفعال وخشية نفسانية موجودة في هذه الموارد على نحو واحد ..
ولذلك جاء التحديد لمنشأ الخوف لدى الأبرار في الآية الشريفة ، حيث قال تعالى : (يَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً) ..