وأما الحصر بما
وإلا ، فهو يبدأ بالنفي للإطعام. ثم يعود إلى حصره ، وإثباته في دائرة وجه الله
سبحانه ..
ومن الواضح : أن السائل متلهف لسماع كلمة الإيجاب ، فلا يحسن استقباله
بالنفي لأحب شيء إلى قلبه ، وهو الإطعام. فإن ذلك سوف يثير رعشة خوف في القلب ولو
للحظة .. ولا يريدون [عليهمالسلام] لهذه الرعشة أن تكون. لمزيد من الرأفة منهم ، والرحمة
بالسائل ..
والحفاظ على مشاعر
السائلين ، ولو بهذا المقدار ، يعتبر إحسانا آخر بالقول إليهم ، يضاف إلى الإحسان
بالفعل .. وسيزيد ذلك في سرورهم ، خصوصا إذا كان هذا قد قيل للسائلين فعلا ، وليس
هو مجرد لسان حال يحكيه الله سبحانه لنا عنهم.
الثانية : إن الحصر بواسطة «إنّما» يأتي نصا في المطلوب .. أما الحصر
بواسطة ما وإلا ، فإنه لا يحسم الاحتمالات التي تثير مخاوف السائل حتى بعد إكمال
عناصر الحصر ..
فإنك إذا قلت له :
لا أطعمك إلا في هذه الحالة .. فقد يفهم السامع من ذلك : أنه سيحرم من الطعام ،
ويمنع منه في سائر الحالات ..
ولكن إذا قلت :
سوف أطعمك على كل حال ، لكن نيتي وهدفي هو كذا وكذا ، فالهدف من الإطعام هو مورد
الحصر .. وليس نفس الإطعام.
القيد التوضيحي :
وهنا سؤال هو : هل
إن قولهم : (لا نُرِيدُ مِنْكُمْ
جَزاءً وَلا شُكُوراً) قيد توضيحي أو احترازي؟! ، قد يقال : إنه توضيحي لأنه إذا
كان الإطعام سينتج للمعطين اتصالا بمصدر النعم والألطاف ، وسيوجب لهم نيل أعظم
المكافآت ، وهي مكافآت باقية ، نامية ، زاكية ، لأنها متصلة بالمنعم الباقي ،