الرياء أو التصنع ، وعلى هذا الأساس لا يقيمون للناس وزنا ، فيأتون من السيئات ما يريدون بلا وازع ولا رادع ، مع أن الرسول صلىاللهعليهوسلم يقول : «من لا يستحي من الناس لا يستحي من الله تعالى».
ولقد هدد الرسول الكريم كل من يتنكر لخلق الحياء فقال : «من ألقى جلباب الحياء فلا غيبة له». وقال : «إن الله إذا أراد أن يهلك عبدا نزع منه الحياء ، فإذا نزع منه الحياء لم تلفه إلا مقيتا ممقّتا (١) ، فإذا لم تلفه إلا مقيتا ممقتا نزعت منه الأمانة ، فإذا نزعت منه الأمانة لم تلفه إلا خائنا مخوّنا نزعت منه الرحمة ، فإذا نزعت منه الرحمة لم تلفه إلا رجيما ملعّنا نزعت منه ربقة الإسلام». والربقة في الأصل العروة ، ويراد بها هنا أحكام الإسلام وأوامره.
وقد ورد وصف الله جل جلاله بالحياء ، فجاء في السنة : «إن الله تعالى حيي ستّير ، يحب الحياء والستر ، فإذا اغتسل أحدكم فليستتر». وجاء فيها : «إن الله تعالى حيي كريم ، يستحي إذا رفع الرجل يديه أن يردّهما صفرا» أي خاليتين ، وجاء فيها : «إن الله تعالى يستحيي من ذي الشيبة المسلم أن يعذبه». ولكن الحياء في حق الله تعالى لا يجوز بالمعنى البشري ، وهو انقباض النفس ، لأن ذلك تغيّر يلحق البدن ، وذلك لا يعقل إلا في الجسم ، وهذا مستحيل في حق الله تعالى ، إذ هو منزّه عن الاتصاف به ، فإذا جاء وصف الله تعالى بالحياء يكون معناه ترك الفعل القبيح. ويقول ابن القيم : «وأما حياء الرب تعالى من عبده فذلك نوع آخر ، لا تدركه الأفهام ، ولا تكيّفه العقول ، فإنه حياء كرم وبر وجود وجلال».
ولقد كان رسول الله عليه الصلاة والسّلام مثلا أعلى في الحياء ، حتى قيل في وصفه إنه كان أشدّ حياء من العذراء في خدرها ، وذلك في غير حقوق الله
__________________
(١) مقيتا ممقتا : اي بغيضا مكروها كرها شديدا.