ينجيك منه إلا الكذب».
والمؤمنون الحقيقيون هم الذين يحرصون على هذا الصدق ، لأنهم يتذكرون ثوابه الجليل الذي أشار إليه القرآن الكريم في سورة المائدة : (قالَ اللهُ هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ). ولأنهم يتذكرون مآل الكذب والكاذبين ، فالقرآن الكريم يقول في سورة الزمر : (وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً) (٢) (لِلْمُتَكَبِّرِينَ؟).
* * *
وفضيلة الصدق يقابلها رذيلة النفاق أيضا ، ولعل هذا هو الذي جعل القرآن الكريم يقسم الناس إلى صادق ومنافق ، فيقول في سورة الأحزاب : (لِيَجْزِيَ اللهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ إِنْ شاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ).
ولذلك جاء على ألسنة العلماء أن الإيمان والكذب لا يتفقان ، لأن الايمان أساسه الصدق ، والنفاق أساسه الكذب ، فلا يجتمع كذب وإيمان إلا وأحدهما يحارب الآخر.
وحسب الكذب شناعة وفظاعة أن يعدّ القرآن الكريم الكذب على الله تعالى من الرسول صلىاللهعليهوسلم ـ إن حدث وما هو بحادث ـ مسوّغا لأشدّ العقوبات ، فيقول : (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ ، لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ، ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ ، فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ) (١). والوتين :
__________________
(٢) مثوى : مستقر.
(١) تقول : افترى واختلق. وباليمين : بالقوة. والوتين : عرق في الجسم اذا انقطع مات صاحبه ، قيل انه من القلب ، وقيل انه يسقي الكبد. وحاجزين : مانعين للهلاك أو العذاب.