المؤمنون : (إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ ، وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ ، وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ ، وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ ، أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَهُمْ لَها سابِقُونَ).
وكأن المسارعة إلى الخيرات تكون ثمرة طيبة وتاجا رفيعا لهؤلاء الذين اتصفوا بهذه الصفات المجيدة ، فهم يخشون الله حق خشيته ، وهم يصدقون بآياته وكلماته ، وهم لا يشركون به أحدا ، وهم يقدمون ما يستطيعون من طاعة وجهد ، دون اغترار بما قدموا ، بل يظل الوجل مسيطرا عليهم خوفا من تقصير أو تغرير ، وهم يخشون يوما يرجعون فيه إلى الله ، فتكون الثمرة الطيبة العظيمة لهذه الصفات أن تتوج رؤوسهم فضيلة سامية نبيلة ، هي الانطباع على الإسراع إلى كل خير وكل بر ، فيكونون دائما أهل السبق ، وهم الجديرون أيضا بأن يخصهم ربهم بالنعيم المقيم.
* *
وإذا كان الحق جل جلاله قد مجّد في كتابه المجيد ذكر المسارعين الى الخيرات ، ووعدهم أجمل الوعد وأصدقه ، فانه قد حمل حملته الصارمة على أولئك الذين فسدت طبائعهم ، وانحرفت أخلاقهم ، وانقلبت أوضاعهم ، فهم يسارعون الى المآثم والمقابح ، وبذلك يخسرون الخسران المبين ، وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون هذا هو كتاب الله الحكيم يقول في سورة آل عمران : (وَلا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ ، إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيْئاً ، يُرِيدُ اللهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ ، إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيْمانِ لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيْئاً وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ). والمسارعة في الكفر هي الوقوع في ظلماته بسرعة ، والمبادرة إلى مناصرة أهله مع ضلالهم وخبالهم.
ويقول القرآن المجيد في سورة المائدة : «فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسارِعُونَ فِيهِمْ ، يَقُولُونَ نَخْشى أَنْ تُصِيبَنا دائِرَةٌ ، فَعَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ