شاهدا شهادته ، ولا يلقن المدعي الدعوى ، ولا يلقن المدعى عليه الإنكار أو الإقرار ... إلخ. وفي تاريخ الاسلام مواقف رائعة لدقة العدالة في الحكم.
ويأمر كتاب الله المجيد بالعدل في الكلام والمنطق ، فيقول : (وَإِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى). أي يجب عليكم أن تعدلوا في قولكم ، فتكونوا صادقين إذا نطقتم بشهادة أو حكم على أحد ، ولا يجوز أن تحيدوا عن طريق الحق والعدل متأثرين بعامل القرابة ، فالله قد حرم الميل في النطق بالشهادة ، ولو كان هذا لمحاباة أحد القرباء.
ويتصل بهذا الوجه من وجوه العدل التي دعا إليها القرآن وحث عليها ، قول الله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ، إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللهُ أَوْلى بِهِما فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً) ..
أي أقيموا العدل على أتمّ الوجوه وأكمل الحالات ، لأن «القوّام» هو المبالغ في القيام بالشيء ، وتحروا الحقّ في قولكم وشهادتكم ، حتى لو كانت الشهادة على أنفسكم أو على أقاربكم ، فلا تحابوا الغنيّ طمعا فيه ، ولا الفقير عطفا عليه ، فالله أولى من الجميع ، فأخلصوا الشهادة ، ولا تتبعوا أهواءكم كراهية منكم للتمسك بالعدل ، فسواء عليكم أشهدتم بالحق أم كتمتم الشهادة فان الله تعالى مطلع على أحوالكم ، عليم بدقائق أموركم.
ويأمر القرآن الكريم بالعدل في الكتابة فيقول في آية المداينة :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ، وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كاتِبٌ بِالْعَدْلِ) .. أي ليكتب كتاب المداينة أو البيع كاتب متصف بالقسط والإنصاف ، فهو لا يزيد ولا ينقص في صفة أو مقدار ، ولا يكتب شيئا يضر بأحد المتعاقدين إلا بإذنه ، فإن الكتابة هنا أمانة يجب أن يرعاها صاحبها ، وأن يتقي الله فيها.
ويدعو كتاب الله ـ جل جلاله ـ إلى العدل في الشهادة ، فيقول القرآن عن النساء المطلقات وهن في العدة :