فالقرآن يعبر عنه بالملك والشهادة ، وما غاب عن الابصار فيعبر عنه بالغيب والملكوت ، والله تعالى عالم الغيب والشهادة ، وجبار الملك والملكوت ، ولا يحيط أحد بشيء من علمه إلا بما شاء ، وهو عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول.
فأجل أيها العاقل فكرك في الملكوت ، فعسى يفتح لك أبواب السماء فتجول بقلبك في أقطارها ، إلى أن يقوم قلبك بين يدي عرش الرحمن ، فعند ذلك ربما يرجى لك أن تبلغ رتبة عمر بن الخطاب رضي الله عنه حيث قال : رأى قلبي ربي. وهذا لأن بلوغ الاقصى لا يكون إلا بعد مجاوزة الأدنى ، وأدنى شيء إليك نفسك ، ثم الارض التي هي مقرك ، ثم الهواء المكتنف لك ، ثم النبات والحيوان وما على وجه الارض ، ثم عجائب الجوّ وهو ما بين السماء والارض ، ثم السموات السبع بكواكبها ...» الخ.
إن الانسان المتفكر يكون متعلقا بأسباب الله عزوجل ، يذكره ويراقبه ويخشاه ، وكأن التفكر معه رائد يهديه إلى طريق ربه ، ويحول بينه وبين الانصراف عنه ، وثمرة ذلك هو الاستقامة على الصراط المستقيم.