وأموالهم بالجنة ، فيقول عنهم في سورة التوبة : (التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ الْحامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ).
ويشير كتاب الله تعالى إلى تعدد مواطن الحمد ، وتوالي الإتيان به ، فيقول في سورة طه : (فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِها وَمِنْ آناءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرافَ النَّهارِ لَعَلَّكَ تَرْضى). ويقول في في سورة غافر : (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ) أي دائما أو في طرفي النهار.
والموفقون من عباد الله تبارك وتعالى يحرصون على فضيلة الحمد ، فطائفة يحمدونه على ما أولاهم من إنعامه وإكرامه ، وطائفة يحمدونه على ما أذهب عنهم من الحزن والهم ، وطائفة يحمدونه على ما لاح لقلوبهم وعقولهم من عجائب لطائفه ، وطائفة يحمدونه لانكشاف صفات الجلال والجمال والكمال لذاته القدسية ؛ وهكذا ...
ومن فضل الله تعالى على عباده الحامدين أن دعاهم إلى شكر الناس وحمدهم على ما يصنعون من خير أو معروف ، وجعل هذا الحمد للناس المستحقين إياه كجزء تابع لحمد الله سبحانه ، ولذلك جاء في الحديث : «من لم يحمد الناس لم يحمد الله».
والحمد لله فضيلة تسمو بصاحبها الحقيقي فوق الأثرة والأنوية وحب الذات ، فالمتحلي بصفة الحمد يذكرها في موطن النعمة على غيره كما يذكرها في موطن النعمة عليه ، ومما يذكرونه في هذا المجال للعبرة أن السري السقطي قال : أنا منذ ثلاثين سنة أستغفر الله من قولي مرة واحدة : الحمد لله ، فقيل له : وكيف ذلك؟. فقال : وقع الحريق في بغداد ، واحترقت الدكاكين والدور ، فأخبروني أن دكاني لم يحترق ، فقلت : الحمد لله ، وكان معناه أني فرحت ببقاء دكاني حال احتراق دكاكين الناس ، وكان حق الدّين والمروءة ألا أفرح بذلك ، فأنا في الاستغفار من ثلاثين سنة عن قولي : الحمد لله!.