انه لا يغفر الذنوب سواه ، وانه يضلّ من يدعون عند الحاجة إلا إياه ، لأن الكل منه وإليه ، وهو المتصرف بسننه فيه والحاكم بسلطانه عليه».
* *
وبتدبرنا في آيات القرآن المجيد نفهم أن التقوى هي التي تحقق جمال الصداقة وبقاءها وحسن ثمرتها ، فالقرآن يقول في سورة الزخرف : (الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ) أي ان كل صداقة او صحبة لغير الله تعالى فإنها تنقلب يوم القيامة عداوة ، واما الصداقة المخلصة فإنها باقية دائمة في الدنيا والآخرة. وقد يتضح هذا في عقولنا اكثر إذا تذكّرنا أن التقوى تستلزم صيانة الإنسان حرمات سواه ، فكيف بصيانة الإنسان لحرمات صديقه ، وهذا أبو العباس الطوسي يقول : «تعظيم حرمات المؤمنين من تعظيم حرمات الله تعالى ، وبه يصل العبد إلى مجمل حقيقة التقوى».
وبهذا التدبر نفهم أيضا أن انعدام التقوى من الإنسان يؤدّي إلى فساده في ذاته ، وإلى إفساده لغيره ، فالمحروم من التقوى يستبيح لنفسه الادعاء والكذب والنفاق ، ويستبيح لنفسه التوسع في الإفساد وعمل الشر ، وإذا نصحه مذكّر بأن يتقي الله تعالى تكبر وتجبر. فلننظر إلى القرآن الكريم وهو يقول في سورة البقرة : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيُشْهِدُ اللهَ عَلى ما فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ : وَإِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ ، وَإِذا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهادُ ، وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ ، وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ).
ولله درّ الصوفي المشهور «شاه الكرماني» حيث يقول : «علامة التقوى الورع ، وعلامة الورع الوقوف عند الشبهات». ولا شك أن الوقوف عند الشبهات نتيجة لصدق خوف الإنسان من الله جل جلاله ، والذي يخاف ربه