والمتاعب ، فقال «أفضل الأعمال ما أكرهت عليه النفوس».
* *
ولما كان الصبر بهذه المنزلة جعل الله تعالى جزاءه عظيما جليلا ، فالقرآن الكريم يخبرنا أولا بأن أهل الصبر يستحقون البشرى ، فقال : (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ). كما أخبرنا بأن الصبر هو طريق الخير ، فقال في سورة النحل : (وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ). وقال في سورة النساء : (وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ). كما أخبرنا بأن الله جل جلاله يحب أهل الصبر ، فقال في سورة آل عمران : (وَاللهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ). كما أخبرنا بأنه تبارك وتعالى مع الصابرين ، ومعية الله هنا معية محبة وتأييد ، ونصر وتكريم ، ومعونة ومثوبة ، فقال في سورة البقرة : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ). وقال فيها أيضا : (كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ). وقال في سورة الأنفال : (وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ).
ولعل رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد أشار إلى مثل هذا حين قال : «واعلم أن النصر مع الصبر». لأن الصبر يستدعي معية الله تعالى ، ومعية الله تستوجب النصر لأهل الصبر.
وقد أوسع القرآن الكريم الثواب للصابرين ، فبعد أن ذكر في سورة البقرة التبشير للصابرين ، لأنهم يقولون إذا أصابتهم مصيبة : إنا لله وإنا اليه راجعون ، تحّدث عن ثوابهم الجزيل فقال : (أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ). ووعد القرآن الكريم الصابرين بمضاعفة الأجر فقال في سورة القصص :